سقوط الغرب أخلاقيا وقيميا وسياسيا
ليست هذه هى المرة الأولى التى يظهر فيها الغرب المنافق الكاذب على حقيقته ، ومع أن كثيرين ما زالوا مخدوعين، و يرون فى الغرب أنه محل القيم والأخلاق وسيادة القانون ، لكن ما أسهل تبيين الحقيقة لهم خاصة فى ظل السقوط الاخلاقى والقيمى والسياسى المستمر للحكومات الغربية والمنظمات والهيئات والمؤسسات المرتبطة بهذه الحكومات .
موضوع حديثنا اليوم ليس هو الأول فى سلسلة الترتيب الزمنى لسقوط الغرب ، وان كان هو الأبرز فى هذه القائمة التى تضم انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان ، فشن الحروب العدوانية ، والظلم المنظم ، ودعم الديكتاتوريات والحركات الإرهابية ، والتجاوزات الخطيرة لحكم القانون ، كسجن غوانتانامو ، والحبس الظالم للمناضل اللبنانى جورج عبد الله فى فرنسا ، والاختلالات البينة فى المعايير – والأمثلة كثيرة – ، هذه وغيرها بعض سلوكيات الغرب وديدنه ، مما يجعلنا نقول بضرس قاطع أن الغرب بعيد جدا عن العدالة ، يشن العدوان على القيم والأخلاق ، ويمارس النفاق عيانا بيانا جهارا نهارا ، ومع ذلك فهاهم بعض المغفلين ينظرون إليه باعتباره نموذجا يحتذى .
لنأخذ مثالا واحدا وهو اقدام اليمينى الارهابى العنصرى المتطرف السويدى من اصل دانماركى راسموس بالودان بحرق القرآن الكريم في السويد ، هذا الفعل الذى صمت الغربيون نفاقا عن إدانته ، بل حاولوا فى تغبيش للوعى ، وتكريسا للتحريف ، واصرارا على الكذب ،ووجريا على عادتهم فى طمس الحقيقة وخداع الآخرين ، حاولوا التمترس خلف عنوان حرية التعبير ، ليقولوا أن هذا الرجل أو سواه من المجرمين إنما يمارسون حقهم الدستورى فى حرية التعبير ، وينسى الغرب المنافق أو يتناسى أن حرية أى فرد أو جهة مقيدة بعدم العدوان على الآخرين ، فليس من حقك الإساءة للغير تحت عنوان حرية التعبير ، وليس لك الحق فى اغلاق الطرقات مثلا ومنع الآخرين من المرور بحجة الحق فى ممارسة التظاهر ، والى غير ذلك كثير من الأمثلة التى توضح أن الحريات مقيدة بعدم العدوان على الآخرين أو منعهم حقهم ، ونتساءل هنا لو أن المنافقون يجيبون ، لماذا لا تتجسد حرية التعبير الا بالتطاول على الإسلام ورسوله وحرق كتابه المقدس؟
أنه من الغريب أن تكون حرية التعبير في الغرب بشكل عام تحمى المتطاولين على المقدسات ، الحارقين
للقران ، المسيئين للنبى الكريم ، المستهزئين به ، كنشر الرسوم الكرتونية المسيئة واعادة النشر والإصرار على ذلك ، في استفزاز ليس موجها لأبناء الجاليات المسلمة المتواجدين فى هذه البلدان فحسب ، وانما تطال الإساءة ما يقرب الملياري انسان يدينون بالإسلام.
ان السلطات السويدية بتوفيرها الحماية للمجرم الارهابى بالودان فى أقدامه على حرق القران الكريم فى إحدى ضواحي استوكهولم إنما تمارس الظلم والإرهاب ، وبحمايتها للمجرم إنما تشاركه إجرامه ، وتعمل على زرع الفتنة والشقاق فى صفوف المجتمع ، حيث يعيش هناك العديد من المسلمين .
ان اليمينى المتطرف بلودان يتبنى أيديولوجية تقوم على نشر الكراهية والتحريض على سب العقيدة الإسلامية، والإساءة لها ، وعنوان استراتيجيته الأبرز هو حرق نسخ من القرآن الكريم ، ويقوم حاليا بجولة شملت حتى الآن بلجيكا والدانمارك والسويد ، ويتعمد خلال جولته هذه ممارسة أيديولوجيته الاستفزازية في الاحياء التي يشكل فيها المسلمون أغلبية ، لتفجير أحداث عنف، وصدامات مع الشرطة مما يعطي انطباعا لأهل البلاد “البيض” بأن سكان هذه الضواحي “ارهابيون” ودعاة عنف يجب طردهم من البلاد ،
وهذا التصرف يجعل هذه الدول هى المتطرفة بحمايتها للمجرم واجرامه ، ومساعدتها على بذر الفتن .
وزير العدل السويدي قال نعيش في ديمقراطية فيها حيز واسع جدا لحرية التعبير والإعلام ، واردف يقول نحن نعتز بذلك ، ولا توجد لدينا أي نية بتضييق مجال الحريات حتى ولو تم استغلالها للحض على الكراهية والشقاق واحداث العنف وهو أمر مؤسف”.
أنه كلام غريب لايمكن ان يصدر عن شخص يحترم نفسه والقيم التى يؤمن بها ، ولن نجد تفسيرا لهذا الكلام الساقط المنتن الا أنه انعكاس لسقوط الغرب اخلاقيا وقيميا وسياسيا.
سليمان منصور