سؤال العدالة::: أمس غادر الأستاذ الزبير أحمد الحسن سجن كوبر مرتقياً إلى (عدالة قدسية الأحكام والميزان)، ليرتفع عدد الذين توفاهم الله قبل أن يقضي القضاء فيهم كلمته إلى خمسة من القياديين رغم أنهم لبثوا بين جدران السجن أكثر من عامين ولا يزال آخرون ينتظرون..
سؤال العدالة::: القاعدة القانونية تنص أن (العدل البطيء ظلم سريع) فالعدالة ليست من أجل العقوبة وحدها لمن يثبت الاتهام عليه، بل أهم من ذلك هي للإنصاف، إنصاف المظلوم في المقام الأول قبل الاقتصاص من الظالم.. فلماذا تفيض السجون بالموقوفين بينما ساحات المحاكم شبه خالية إلا من قضايا متناثرة أغلبها لا يشكل هماً يلفت له الشارع العام، بل وربما بعضها قضايا مرفوعة منذ سنوات خلال العهد البائد..
المشهد العام يبدو كما لو أن الحكومة ترجو أن تنقضي القضايا بالموت فترفع الأقلام وتجف الصحف قبل أن تصل القضايا للقضاء، ليس رحمة بالموقوفين بل لأن كثيراً من القضايا القليلة التي سارت حتى منصة القضاء إنتهت بالبراءة ، أما لأنها أصلاً قضايا هامشية ليس فيها اتهام حقيقي أو لأنها قضايا لا يسندها دليل دامغ..
سؤال العدالة::: هذا الوضع يهزم كل شعارات الثورة التي رفعت فوق الرايات (حرية سلام وعدالة) .. وهي هزيمة لا يتوقف أثرها في الميدان الأخلاقي أو السياسي فحسب بل يتخطاه إلى التأثير الاقتصادي المباشر وعلى سمعة البلاد دولياً في التقارير التي ترصد منسوب دولة القانون في بلادنا.
كل موقوف يتوفاه الله بين جدراني السجن بلا محاكمة أو تأخير في إجراءاتها يقدم عرضحالاً على أوضاع “دولة القانون” .. ويكشف المسافة الفاصلة بين الشعارات والواقع. وقد يؤدي في نهاية الأمر إلى الإضرار بالانتقال الديموقراطي وانهيار الفترة الانتقالية برمتها.. فالعدل أساس الحكم.
ويبدو مثيراً للدهشة تطاول فترات توقيف بعض الذين ألقي القبض عليهم دون أن يظهر في الفضاء العام الحيثيات التي زجت بهم في السجن لمدة تقترب من سنة كاملة مثل الأستاذ معمر موسى ورفقاه.
هل فعلاً مؤسسات العدالة تعاني من عطب أو خلل يجعلها (تمشي الهوينا) أم أن هناك ما يعيق مسار العدالة ؟
هذه الأسئلة ليست للحصول على إجابات بل لتحديد موقف الحكومة الانتقالية من ملف العدالة، هل هي راضية على هذه الأوضاع ؟ أم أن هناك ومن وراء الكواليس وجهة نظر أخرى؟
بكل صراحة.. تماماً كما كان العدل واحداً من أهم أسباب سقوط النظام البائد فإن العدل أيضاً سيكون القشة التي تقصم ظهر بعير حكومة الفترة الانتقالية.