أخبار السودان :
ديموقراطيات افريقية شكلية هشة لا تصمد
ليست هذه هي المرة الأولى التي تقع فيها الانقلابات العسكرية في افريقيا ويتم تغيير أنظمة الحكم بواسطة العسكر ، فقد اعتاد الأفارقة على هذا الأمر ، وهو ليس بالغريب عليهم ، لكن كثيرا من الدول الأفريقية سعت في السنوات الماضية إلى العمل على خلق الاستقرار ، وفيها من ظن أن إعطاء هامش من الحريات ، وإفساح المجال أمام الشعب ليمارس حقه في اختيار حكامه يمكن أن يوفر الاستقرار ، ناسين أو متناسين ان هذه الديموقراطيات المزعومة بناءات هشة وشكلية لا تمتلك مقومات الحكومة المنتخبة بشكل صحيح والتي سوف يحميها الشعب ويقف معها ضد أي محاولات للإطاحة بها .
وما حدث في النيجر هو تغيير حكومة منتخبة والإطاحة برئيس وصل إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع ، وكذا الأمر في الغابون التي فاز رئيسها المعزول بانتخابات جرت مؤخرا ، ومع ذلك لم تلق الحكومات المعزولة أي تعاطف من الشعوب لعلمهم التام أنها حكومات نخر الفساد فيها ، وحتى هذه الديموقراطية التي وصلت بها الى الحكم ليست إلا ديموقراطية شكلية ينعدم فيها التنافس الحقيقي بين المتقدمين للفوز بالمنصب ، وان الحاكم الذي يفوز هو أو حزبه بالسلطة يكون قد استفاد من معينات الدولة ووظفها ،وبالتالى فإن الشعوب لم تأس على الاطاحة بهذه الحكومات التي مارست الفساد بشكل ظاهر كما في الغابون ،أو رهنت بلدانها بالكامل للخارج كما هو الحال في الغابون والنيجر وبلدان أخرى ،حيث تمتعت فرنسا بنفوذ عال جدا وكبير ، جعلها تستأثر بخيرات هذه البلدان ، بتواطؤ مع الحكام المرتبطين معها بشكل كامل ، ويدفع الشعب الثمن باهظا فقرا وجهلا ومرضا .
وأفاد مقال نشرته “وول ستريت جورنال” بأن انحسار الديمقراطية في أفريقيا وازدياد وتيرة الانقلابات العسكرية فيها، يعود إلى عدم اهتمام أميركا وأوروبا بتنمية الديمقراطية هناك ، والعمل فقط مع حكومات هذه البلدان على ضمان تمتع الغرب بموارد هذه الدول مما أوقع هذه الحكومات في صدام مع شعوبها ونظروا الى حكامهم كعملاء للخارج لايهمهم إلا الحفاظ على مواقعهم .
وكان جميلا ومعبرا عنوان مقال نشر بصحيفة نيويورك تايمز وهو :
لماذا تتداعى عروش القادة المنتخبين في دول الساحل الأفريقي تحت أحذية العسكر الخشنة؟
هذا العنوان يعبر فعليا عن واقع الأوضاع في هذا الجزء من العالم ويبين أن الغرب يكذب في كل شي ، وان ادعاءه حماية الديموقراطيات وتشجيعها ليس إلا كذبة كبرى فهو يبحث بشكل أساسي عن مصالحه وما يحققه في هذه البلدان ولا شأن له بتطلعات هذه الشعوب المظلومة.
سليمان منصور