لفت تقرير لصحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية إلى تصاعد التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالتزامن مع اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بين طرفي المكون العسكري (الجيش والدعم السريع) التي قال الناطق باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف إنها تعمل بـ”جد” على إكمال تفاصيل جداول عملية الدمج والإصلاح والتحديث، ليصبح الاتفاق النهائي جاهزًا للتوقيع عليه “في أقرب فرصة ممكنة”. ولكن التوقيع على الاتفاق النهائي تأجل للمرة الثانية، بسبب “استئناف المباحثات المشتركة بين الأطراف العسكرية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري فيما يتصل بالجوانب الفنية الخاصة بإجراءات الإصلاح الأمني والعسكري” – وفقًا لبيان لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عشية ذكرى “مليونية 6 أبريل” التي مهدت الطريق للإطاحة بحكم المخلوع عمر البشير.
وأشار تقرير “النيويورك تايمز” إلى ارتفاع المخاوف يوم الأربعاء بعد انتشار صور الدبابات في الشوارع وعلى جسر وهي تعبر النيل – على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر التقرير الجدار الخرساني الذي يحيط بمبنى القيادة العامة للجيش بالخرطوم، وقال إنه يرمز إلى الانقسامات والتوترات في هذا البلد الممزق.
“أصبحت العاصمة الخرطوم مرتعًا للشائعات والتكهنات” – تقول “النيويورك تايمز”. وتضيف: “يقوم السكان القلقون بمسح وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن مقاطع فيديو وقرائن أخرى لقياس درجة حرارة العلاقة بين الجنرالين [البرهان ودقلو]”.
ويشير التقرير إلى انتشار معسكرات الجنود المتنافسة في جميع أنحاء الخرطوم، وقال إن التقارير عن تحركات القوات في وقت متأخر من الليل تثير المخاوف من تحول الصراخ إلى إطلاق نار.
ويبين تقرير “النيويورك تايمز” أن الجدار الخرساني المحيط بقيادة الجيش أصبح عاملًا في القتال، لافتًا إلى أنه عندما بدأ هذا الجدار في الارتفاع، قبل نحو عام، ظنّ العديد من السودانيين أنها محاولة من قبل الجيش لمنع ثورة شعبية أخرى، ولكن يُنظر إليه الآن على أنه “رمز للانقسامات داخل الجيش” – بوصف التقرير.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن عبدالرحيم دقلو شقيق قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” والقائد الثاني لقواته قوله: “بنى البرهان الجدار لحماية نفسه”. وأضاف عبدالرحيم: “إنه لا يهتم بما يحدث خارج الجدار”. “إنه لا يهتم إذا احترقت بقية البلاد” – أردف دقلو وفقًا للنيويورك تايمز.
ويشير التقرير إلى عبدالرحيم دقلو بأنه نائب قائد قوات الدعم السريع التي نشأت من “ميليشيات الجنجويد” سيئة السمعة التي أرهبت المنطقة الغربية من دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لافتًا إلى طموح الجنرال حمدان لقيادة البلاد، مع إصرارهم –هو وإخوته– على أنهم “المدافعون الأوائل عن الديمقراطية في البلاد والحريصون على إجراء الانتخابات”. وصرح عبدالرحيم دقلو للصحيفة: “كل ما نفكر فيه هو حماية المدنيين”.
كما يشير التقرير إلى تحالف الجنرال حمدان مع السياسيين المدنيين الذين كانوا ينظرون إليه على أنه عدو لدود.
ويوضح التقرير أن المحققون حددوا موقع مقبرة جماعية عند سفح جبل بجانب مقبرة قديمة، في عام 2020، خلال البحث عن الجثث المفقودة لما لا يقل عن (50) متظاهرًا قتلوا على يد قوات الأمن في حزيران/يونيو 2019. وبحسب التقرير، ألقى شهود باللوم في عمليات القتل على القوات شبه العسكرية التابعة للجنرال حمدان (قوات الدعم السريع)، وقال البعض إنهم رأوا شقيقه عبدالرحيم دقلو في الساحة – طبقًا للتقرير.
وللكشف عن الحقيقة، استأجرت الحكومة الأمريكية فريقًا أرجنتينيًا من علماء الأنثروبولوجيا الجنائية، المتخصصين في استخراج المقابر الجماعية. وسافر الفريق إلى الخرطوم في عام 2021، وانضم إليهم خبراء حقوق الإنسان من كلية الحقوق في كولومبيا. بعد زيارة المقبرة الجماعية المشتبه بها، ومراجعة صور الأقمار الصناعية من المنطقة والملابس الملطخة بالدماء وحالات الرصاص التي عُثر عليها في مكان قريب، وضع الخبراء خططًا مفصلة لتنقيب الموقع، ولكن توقف كل شيء مع الانقلاب – بحسب تقرير “نيويورك تايمز”.
المصدر: الترا سودان