لم تغادر الولايات المتحدة منذ اندلاع الأزمة السياسية السودانية سياسة الوعيد بفرض عقوبات على الجيش السوداني دون المضي فيها، كما تحافظ في الظاهر على دعمها المطلق للمدنيين، إلا أن استراتيجية واشنطن في السودان تنطلق من مصالحها لتنتهي عندها.
العرب اللندنية – تمضي الولايات المتحدة في سياسة تتبنى التهدئة تارة والتصعيد تارة أخرى في التعامل مع الأوضاع في السودان لضمان العودة إلى المسار الديمقراطي بأقل خسائر ممكنة ومنع تمدد نفوذ روسيا بفعل الدعم الذي تقدمه لقادة الجيش، ما يجعل هناك رؤى سودانية عامة تؤمن بأن حراك إدارة الرئيس جو بايدن يستهدف حماية المصالح الأميركية وليس تطبيق قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبعد أيام من إعلان البيت الأبيض عن ترشيح جون غودفر القائم بأعمال مبعوث مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية لشغل منصب السفير الأميركي في الخرطوم بعد تطبيع العلاقات بين البلدين، هددت وزارة الخارجية باتخاذ إجراءات ضد الجيش السوداني حال تصاعد العنف ضد المتظاهرين مع استمرار التحركات الاحتجاجية.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية مولي فيي أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الثلاثاء إن الولايات المتحدة أوضحت للقادة العسكريين في السودان أن واشنطن مستعدة لاتخاذ إجراءات إضافية إذا استمر العنف ضد المتظاهرين كما تدرس خيارات لزيادة الضغط على الخرطوم.
وأوضحت أن بلادها تعكف على مراجعة مجموعة كاملة من الأدوات التقليدية وغير التقليدية المتاحة لديها لتقليص الأموال المتاحة للنظام العسكري وعزل الشركات التي يسيطر عليها الجيش، وتبحث عن الأدوات التي يمكن من خلالها زيادة المخاطر المتعلقة بالسمعة لأي شخص يختار الاستمرار في الانخراط في “هذا النهج المعتاد” مع أجهزة الأمن السودانية.
وتعبر هذه التصريحات عن خيبة أمل من انصياع قادة الجيش لما طرحته واشنطن في الجولة التي قامت بها مولي فيي في الخرطوم بصحبة المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد، ما يجعل الإدارة الأميركية تتعرض لانتقادات مستمرة في الداخل وعلى مستوى عدم قدرتها على إقناع القوى المدنية السودانية بأنها تقدم دعما حقيقيا للعودة إلى الوثيقة الدستورية وإنهاء انقلاب الجيش على السلطة.