البرهان خارج مقر القيادة: مؤشّر خوف أكثر منه طمأنة
قائد الجيش أراد بظهوره أن يقول إنه مازال قادرا على التحرك في وقت تضيق فيه قوات الدعم السريع الخناق عليه وعلى قواته.
ظهور لا يخدم البرهان
الخرطوم – ظهر قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في تسجيل مصور تداوله الجيش الخميس وهو خارج مجمع قيادة الجيش، وذلك لأول مرة منذ بدء الحرب قبل أربعة أشهر.
وفيما سعى البرهان لتوجيه رسالة طمأنة إلى أنصاره بهذا الظهور، رأى مراقبون أن الرسالة تكشف عن خوف أكثر مما تكشف عن طمأنة، معتبرين أن قائد الجيش -أمام سيل الأخبار السيئة لقواته وأنصاره- أراد أن يقول إنه مازال قادرا على التحرك في وقت تضيق فيه قوات الدعم السريع الخناق عليه وعلى قواته.
ولا يُعرف ما إذا كان البرهان بهذا الخروج قد أراد رفع معنويات أنصاره عبر الإيحاء بأن الجيش مازال موجودا، أم أن الخطوة جاءت بطلب من قوات الجيش في ظل الانشقاقات في صفوفه ولحاق مجموعات بقوات الدعم السريع وتخلي أخرى عن السلاح بالتزامن مع انخفاض الروح المعنوية للمقاتلين واختفاء قياديين ومقتل آخرين. وكان آخر من سقطوا في المعارك اللواء الركن ياسر فضل الله الخضر الصائم قائد الفرقة 16 مشاة، الذي قتل قبل أيام.
وظهر البرهان في التسجيل المصور الذي قال الجيش إنه التقط في قاعدة وادي سيدنا الجوية في أم درمان، ويبعد حوالي 30 كيلومترا عن مقر وزارة الدفاع في الخرطوم، وهو يلوّح بيده للجنود المرحبين به.
وقال في التسجيل “أحييكم، وأنتم شغالين شغل فعلا يخلي الناس تطمئن إن الجيش فيه رجال (وأنتم أبليتم بلاء حسنا يجعل الناس يطمئنون إلى أن الجيش فيه رجال يُعتمَد عليهم)، وأن السودان يحرسه الجيش”.
ولم يتضح كيف استطاع البرهان مغادرة الخرطوم، في ظل نجاح قوات الدعم السريع في محاصرة مواقع الجيش. وتظل قاعدة وادي سيدنا الجوية في أم درمان التي ظهر فيها البرهان محمية قياسا بوضع مقر سلاح المدرعات.
وتتواصل الاشتباكات بين الطرفين في المدينة بالتزامن مع سعي الجيش إلى قطع طريق إمداد رئيسي لقوات الدعم السريع، وهو جسر شمبات المؤدي إلى مدينة بحري.
وكثيرا ما سخر الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع من البرهان بسبب ما وصفه باختبائه في قبو.
كثيرا ما سخر قائد الدعم السريع من البرهان بدعوى اختبائه في قبو بدلا من قيادة الحرب جنبا إلى جنب مع قواته
واتهم مصطفى محمد، المستشار لدى قوات الدعم السريع، البرهان بالفرار من الخرطوم خلال مقابلة مع تلفزيون “سكاي نيوز عربية” الخميس، قائلا إن قوات الدعم السريع استولت على سلاح المدرعات وستجتاح قريبا مقر الجيش.
وقبل شهر حاول البرهان الإيحاء بتماسك موقفه الميداني من خلال ظهور لافت عبر فيديو بملابس عسكرية وهو مدجج بالسلاح وقابض على قنبلة يدوية بدائية، لكنه فوجئ بأن ردود فعل سودانيين في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي جاءت سلبية وسخرت من اللقطات التي جرى بثها، حيث بدا المشهد هزيلا، ودليلا على ضعف موقفه الميداني وليس قوته العسكرية.
وأظهرت التقارير الإخبارية في الأيام الأخيرة أن الجيش في تراجع، وأن قوات الدعم السريع تتقدم على أكثر من جبهة، وخاصة في الخرطوم، حيث تحاصر مقر سلاح المدرعات الذي يعتبر القاعدة الرئيسية الوحيدة الأخرى للجيش بعيدا عن مقر القيادة، والسيطرة عليه ستعني نهاية مبكرة للحرب.
وأعلنت قوات الدعم السريع الأربعاء “انضمام مجموعة جديدة من الشرفاء بقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح مالك عقار بولايتي شرق وجنوب دارفور” إلى صفها. وأوضحت في بيان أن المجموعة “قوامها 163 ضابطا و2500 من ضباط الصف والجنود”.
ومنذ الأحد تشن قوات الدعم السريع هجوما ضاريا من عدة جبهات على القاعدة العسكرية الواقعة بمنطقة الشجرة في جنوب العاصمة بغرض السيطرة عليها.
وتسبب القتال في أزمة إنسانية مع إغلاق المستشفيات وانقطاع الكهرباء والمياه ونقص الغذاء، كما يهدد موسم الأمطار الذي بدأ الشهر الماضي بتدهور الأوضاع ويثير مخاوف تفشي الأمراض وعرقلة حركة النقل.
المصدر: جريدة العرب اللندنية