شارك آلاف من التونسيين في التظاهرات تلبية لدعوة “مواطنون ضد الانقلاب”، اليوم الجمعة، رفضا لقرارات الرئيس قيس سعيد، واعتبار إجراءاته انقلابا.
ورفع المتظاهرون شعارات: “الشعب يريد عزل الرئيس، حريات حريات، يسقط الانقلاب”.
فيما قرر “حراك مواطنون ضد الانقلاب” الدخول في اعتصام مفتوح حتى إسقاط انقلاب سعيد.
وشهد شارع الحبيب بورقيبة وكل الطرقات في تونس العاصمة، حملات تفتيش واسعة، وانتشارا أمنيا غير مسبوق بالنظر للمظاهرات السابقة.
ومن المزمع أن يحتشد التونسيون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي، بمناسبة الذكرى 11 لاندلاع ثورة 2011، رفضا لإجراءات سعيّد التي يصفونها بالانقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد.
إلا أن وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، استبق المظاهرات بجولة تفقدية للوحدات الأمنية المتواجدة بكثافة في الشارع.
من جهتها، قالت النائب الأولى سميرة الشواشي لـ”عربي21″، خلال مشاركتها في المظاهرات، إن الجماهير اليوم خرجت ضد “التجاوزات وخرق جسيم للدستور، أصوات تطالب للعودة إلى المشهد الديمقراطي”.
وأضافت أن “الحل لا يكون خارج الديمقراطية، ويجب أن يكون تحت سقفها وبقواعدها لحماية الحقوق والحريات، وحتى يكون الصندوق هو الفيصل وليس آليات هلامية لا نعرفها ومنطلقها والمقترحات التي ستعرض على الناس بحسب سعيد، سيكون شخص واحد هو المصدر لها، والنتيجة معروفة مسبقا.
بالتالي نحن نرفض هذا وخرجنا ضده اليوم”.
من جانبه، قال القيادي في حركة النهضة، محمد القوماني، لـ”عربي21″، من داخل المظاهرات، إنه يشارك في الحشود من كل البلاد، “التي تجمعت تحت عناوين ودعوات مختلفة لإحياء ذكرى اندلاع الثورة التي توجت نضالات عقود من أجيال قدمت تضحيات، وهي لن تذهب هدرا”.
وقال: “سعيد يريد أن يختطف الرأي العام باسم الشعب يريد، ويريد أن يختطف الجمهورية بإجراءات الانقلابية والثورة التي لم يشارك فيها ولم يكن أحد عناوينها ويريد اليوم تحديد موعد الاحتفال بها”.
وأضاف: “هذه الجموع التي تخرج اليوم لن تقبل بالانقلاب، ولن تقبل باختطاف الرأي العام باسم أي مشروع كان”.
وتابع: “نحن في حركة النهضة نعترف بأن هناك إخفاقات، ولكن اليوم الأوضاع تزداد سوءا وليس ما يحصل حل”.
وقال: “في 25 تموز/ يوليو الماضي كنا وحدنا أمام مجلس الشعب ونندد بالانقلاب، والآن بعد ستة أشهر الاعتراض توسع، وانقلب كثيرون على موقفهم من تأييد سعيد، وهاجمهم الأخير في خطابه، وسنلتقي كلنا ضد قرارات سعيد الانقلابية”.
وكشف عن أن معارضي الانقلاب في البلاد “سينتهي بهم الأمر في الالتقاء في جبهات منظمة”، موضحا: “هناك ثلاثة عناوين سياسية كبرى الآن، الأولى أحزاب تسمي نفسها اجتماعية، والثاني لقاء وطني للإنقاذ، وأخيرا هناك عشرة أحزاب وأطراف مدنية تتهيأ للإعلان عن جبهة قريبا” ضد الانقلاب.
والاثنين الماضي، أعلن الرئيس التونسي عن جملة من القرارات، أهمها، تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية وعرضها للاستفتاء في تموز/ يوليو المقبل.
وكانت مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” دعت إلى التظاهر الجمعة بالعاصمة تونس ضد سعيّد، وكذلك حشدت أحزاب وقوى سياسية عدة للمشاركة في هذه الفعالية الاحتجاجية.
ودعت كذلك ثلاثة أحزاب سياسية تونسية، الخميس، المواطنين إلى المشاركة في مظاهرات لرفض ما أسمته “الحكم الفردي”، وللمطالبة بترسيخ الديمقراطية في البلاد.
جاء ذلك وفق بيان مشترك لأحزاب “التيار الديمقراطي” و”الجمهوري” و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات”، عشية تنظيم مظاهرات لإحياء الذكرى الـ11 للثورة التونسية.
وأفاد البيان بـ”الدعوة للمشاركة في مظاهرات الجمعة، لإحياء الذكرى الـ11 للثورة التونسية (الموافق 17 ديسمبر/كانون أول 2010)، لرفض الحكم الفردي والمطالبة بترسيخ الديمقراطية”.
ودعا البيان إلى “إجراء حوار وطني يؤسس لدولة عادلة تحقق المساواة، وتحصن البلاد ضد الحكم الفردي والتفريط في السيادة”.
أنصار سعيد
في المقابل تجمع العشرات فقط من أنصار الرئيس سعيد أمام المسرح البلدي، وعبروا عن دعمهم له.
كما أعربت الأحزاب عن “رفض خطاب الرئيس التونسي (قيس سعيّد) الذي جاء مشحونا بالاتهامات وحافلا بتصورات فردية وخاليا من الاستجابة لمعالجة الأزمات المالية والاجتماعية الخانقة”، بحسب البيان.
وتعليقا على ذلك، قال الأستاذ الجامعي سفيان علوي، في حديث لـ”عربي21″؛ إن “خطاب سعيد لا يحمل مفاجآت تذكر إلا من حيث توقيته، فهو صيغة استباقية لموعد الجمعة، ولجملة التحركات التي رتبت على هامشه، ومنها تحرك القضاة وتحرك مواطنون ضد الانقلاب، وهو يحسب على المناورة واستعادة المبادرة”.
كذلك رأى الناشط السياسي وعضو حراك “مواطنون ضد الانقلاب” الأمين البوعزيزي في حديثه لـ”عربي21″ أن “الرئيس حاول استباق التحركات المنتظرة، وشخصيا أرى أنه بذلك قدم هدية للتحركات القادمة، وليس إرباكا لها، فهو وفر أكثر المبررات للخروج، حتى عند من كان مترددا، والرئيس البارحة هاجم مسانديه أكثر حتى من منتقديه، فهو لم يترك له صديقا”.
ومنذ 25 تموز/ يوليو الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، إثر اتخاذ الرئيس إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعيين حكومة أخرى.
المصدر: عربي21