أخبار السودان :
من الواضح ان الميثاق الجديد لم يحظ بتأييد كافة التنسيقيات، حيث بلغ إجمالي اللجان الموقعة على مستوى العاصمة الخرطوم (7) مقابل (9) لم توقع، منهما (2) لم توقعا على ميثاق سلطة الشعب وهما لجان وسط وجنوب الحزام.
وأكد المتحدث بإسم تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم معاذ خليل (للتغيير)، ان لجان أخرى لم توقع على رؤية الميثاق لإنهاء الحرب لبعض التحفظات وليس للرفض المطلق، مثل أحياء بحري، تجمع لجان الحاج يوسف، شرق النيل جنوب، تجمع لجان احياء امبدة، الأربعين والفيل، امدرمان القديمة.
في المقابل، وقعت لجان مقاومة الكلاكلات جنوب الخرطوم، شرق الخرطوم، كرري، تنسيقية الحاج يوسف، الخرطوم غرب، تجمع لجان جبل أولياء، فيما ذكر الناطق باسم الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب تاج الدين إسحاق ان الرؤية تخص فقط لجان المقاومة الموقعة على الميثاق الثوري وعددها يتجاوز 80 تنسيقية على مستوى السودان موزعة على 18 ولاية.
لجان مقاومة امبدة السبيل وهي إحدى القوى التي لم توقع على الرؤية، قال ناطقها الرسمي محمد طاهر، لـ(التغيير): تنسيقيتنا ليست رافضة للميثاق كمضمون، لأنها كانت تحاول لعب دور الوسيط بين الميثاقين (الثوري والتأسيس)، حيث تم اعلان مشترك للتوحيد كما تم وضع خطة للوصول لنقطة مشتركة بينهما الا ان اندلاع الحرب عطل الخطوة.
ورغم أن الحرب دخلت شهرها السابع ومضي اكثر من 10 ايام على صدور الميثاق الجديد، الا أن الأمور لم تتغير فقد أقر طاهر بأنه لم يتبلور حتى الآن موقف موحد من الميثاق.
ولم يستبعد أن تواجه التنسيقيات صعوبة في الاتفاق والانضمام اليه، وذلك لعدة أسباب من بينها صعوبة التواصل بين الأعضاء الذين نزح معظمهم خارج العاصمة، وانعدام شبكات الاتصال، الى جانب انه بدأ مؤخرا إرسال الدعوات، للتنسيقيات بغرض الانضمام للخطة وذكر بان الرؤية لم تتناقش على مستوى لجانهم حتى الآن.
الخطة التي جاءت في 13 صفحة، عقب الانتهاء من اجتماعات الجمعية العمومية في الفترة من 6 الى 10 أكتوبر الجاري، حللت طبيعة الصراع وفقاً لمنهجها، والموقف من الحرب ومن أطرافها (مليشيا الدعم السريع، الجيش، جهاز الأمن والمخابرات العامة)، كما استعرضت الأولويات الاجتماعية العاجلة ومآلات وسيناريوهات طول أمد الحرب وتوسعها، ثم طرحت رؤيتها لإنهاء الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي وفق 18 محورا رئيسيا، واختتمت بتناول متغيرات المشهد الآني وتصورات وقف الحرب وفقا لمرجعيات الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب.
انتقادات طالت الميثاق تتعلق بجوانب صياغية ومنهجية وفكرية و تحليلية من حيث توصيف واقع الحرب واختزالها في التسوية السياسية التي تمت في العام2019 وهو ما اعتبره مراقبين، ” ابتسار غير علمي” كما انها غارقة في الانشاء، الاطالة والحشو والتكرار.
ومع ذلك، رأى آخرون أن ما يميز هذه الرؤية على ما عداها، استنادها على قوى جماهيرية ذات ارتباط وثيق بالقوى الحية المرتبطة بالشارع وأهداف ثورة ديسمبر ومشروعها في التحول المدني الديمقراطي.
قراءة نقدية
أستاذ السياسة العامة والإدارة بجامعة لونغ آيلاند بنيويورك، بكري الجاك في قراءته النقدية لميثاق إنهاء الحرب، يعتقد أن مقدمات الرؤية كانت خاطئة، وبالتالي، فإن خلاصاتها جاءت خاطئة أيضا والمقصود بخاطئة أنها غير قابلة للتطبيق.
وأوضح في إفادته (للتغيير)، أن الميثاق يعاني من مشاكل منهجية وفكرية وتحليلية، تفترض أن التسوية السياسية التي جرت في عام 2019، أعطت الدعم السريع فرصة التمدد، وهو ما اعتبره الجاك “ابتسار” و”قفز على الأشياء ومحاولة توظيف الأحداث للنيل من الخصوم”، في إشارة لقوي الحرية والتغيير التي تصدرت المشهد السياسي عقب ثورة ديسمبر.
وأكد الاستاذ الجامعي، أن الدولة السودانية في 11 ابريل كانت على شفا حرب حالت الثورة دونها، والسبب تعدد الجيوش وقيادتها والذي هو نتيجة لفكرة أن الدولة السودانية من الضعف بمكان، لكونها سمحت بتعدد الجيوش التي أوصلت البلاد الى حالة الحرب، لافتا الى ان منهج استخدام المليشيات، منهج قديم في السودان.
وقال الجاك “اطلعت على الرؤية لكنني في الواقع أرى ان الأجسام التي تقف ورائها اصبحت عبارة عن ظواهر صوتية، خاصة بعد الحرب لأن كثير من الذين ساهموا في صناعة هذه الأشياء باتت لهم مواقف فكرية مختلفة، من بينهم افراد منخرطين في الدفاع عن الجيش نفسه”.
وأضاف “المشهد السياسي بكل زخمه وتمثيله السابق لم يعد مماثلا لما قبل 15 أبريل”، مؤكدا أن قوله هذا لا يعد طعنا في مشروعية اللجان ومن يتحدثون باسمها وانما ملاحظة عامة عن كل منظمات المجتمع المدني.
أما من ناحية المحتوى والشكل والمضمون، فأشار إلى أن الرؤية كانت غارقة في الإنشاء وجزالة العبارة والتفخيم اللغوي، إلى جانب الإطالة والحشو غير اللازم، بينما كان يمكن اختصارها في صفحتين فقط.
وقال الجاك: “كلنا مع شعارات الرؤية لكن لابد من ترجمتها في شكل رؤية عملية قابلة للتطبيق للخروج من الإطار الفضائي الشعاراتي، والخطاب الأخلاقي ، لخطاب عملي قابل للتطبيق”.
وخلاف ذلك، اعتبر ان الرؤية إسهام حقيقي ويمكن الاستفادة من جوانبها الإيجابية في العملية السياسية والتقارب الذي يجري حاليا.
فيما يري المحلل السياسي يوسف مصطفي في مقال منشور بصحيفة مداميك بعنوان (الرؤية السياسية لإنهاء الحرب الصادرة عن لجان مقاومة السودان والقوى الموقعة على الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب)، أن الرؤية لم تخل
من ارتباك في تبويب البنود ولفت إلى تكرار المطالبة بتوصيف قوات الدعم السريع كمنظومة / جماعة إرهابية، وردت ثلاث مرات وهو تكرار وفقا للكاتب، لم يضف تحليلا او توصيفا جديدا.
كما استبعدت (قحت) من جنة هذا الحوار استبعادا يرقى لمصاف (الاستعداء) الضمني، على حد وصف المقال، فـ(قحت) – حتى وإن لم يشار اليها اسما – عند أهل الميثاق الثوري لا تعدو أن تكون أكثر من حلفاء للمليشيا لا هم لهم سوى إعادة شرعنتها، وأن منهج المحاصصات الذي أتبعته القوى السياسية سابقا – والمقصود قحت من السياق العام – كان من الروافع الأساسية لواقع الانقسام السياسي وانقلاب 25 أكتوبر.
واتهم الكاتب ” الرؤية” بالمغالاة في تحليل دور المجتمع الدولي حينما ترجح استثماره في مشهد الحرب الى جانب اغفال الإشارة، للدور السياسي لفلول النظام السابق في اشعال الحرب.
ولكن يوسف يرى ان ما يميز هذه الرؤية على ما عداها استنادها، على قوى جماهيرية ذات ارتباط بالشارع واهداف ثورة ديسمبر.
أحكام جائرة
المتحدث بإسم الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب تاج الدين اسحق، دافع عن ميثاق إنهاء الحرب واعتبر أن حل قوات الدعم السريع ومحاسبة قيادات الجيش وخروج الأخير من السلطة وتأسيس سلطة الشعب، حلم ليس من المستحيل تحقيقه.
وأضاف أن تلك الشعارات هي أجندة ثورة ديسمبر ومن يستنكرها غريب عن الثورة وبوق وأداة من أدوات الثورة المضادة على حد تعبيره.
وذكر ان ما يدور في العاصمة الاثيوبية هذه الأيام دليل دامغ على الارتزاق والارتهان إلى إرادة المحاور الدولية، مؤكدا ان الحل في تنظيم الشعب السوداني والتمسك باجندة الثورة، لهزيمة أطراف الحرب، وقال إن اي حلول تفاوضية مع العسكر تعني استمرار الحرب وإعادة انتاج النظام الشمولي.
وفي تعليقه على الانتقادات التي طالت الميثاق اعتبر المتحدث باسم تنيسيقيات الخرطوم معاذ خليل ان ما يمكن تطبيقه او لا يمكن، توضحه التجربة وليس الاحكام المسبقة.
ورأى أن الثورات لا تعرف المستحيل وأن الرؤية هي جهدهم وضعوها بين يدي أبناء وبنات الشعب السوداني ليساهموا في تكملة النواقص ان وجدت.
وقال: كنا ننادي بحل “الجنجويد” ووقتها كان البعض يري أن ذلك إفساد لوأد الفترة الانتقالية وطرح غير عملي واليوم ينادي به الجميع”.
المصدر التغيير