تظاهرة حضارية جديرة بالاحترام
في كل الدنيا توجد ظواهر تلفت الأنظار وتستحق التأمل فيها والوقوف عندها ودراستها والتعاطي معها بموضوعية بعيدا عن خصوصيات ترتبط بها كخصوصية مناطقية او قومية او مذهبية او طائفية.
ومن المعروف ان هناك مشتركات تلتقي عندها الإنسانية ولا تختص هذه المشتركات بدين معين او بلد او جهة ما ، ومن هذه القيم التي تشترك فيها الإنسانية وتكون محل احترام وتقدير جميع المنصفين الإيثار والبذل والعطاء وخدمة الناس والحراك السلمي المنظم وغيرها من العناوين التى يدعو لها الجميع ويقدرونها ويهدفون إلى نشرها بين الناس وجعلها برنامجا يلتفون حوله.
ولا يمكن أن نجد في كل العالم حدثا تتوفر فيه كل هذه العناوين واضعافها كزيارة أربعين الإمام الحسين في كربلاء في العشرين من شهر صفر من كل عام ، إذ يتوافد ملايين الناس من مختلف ارجاء الأرض صوب كربلاء لاحياء هذه الشعيرة الدينية في حدث ظل يذهل الكل في جميع تفاصيله.
ولا نريد الحديث عن الموضوع من الناحية الدينية فذاك امر اخر ويمكن أن نشير اليه يوما ما ،. لكن دعونا نتوقف كمراقبين مع حدث يبرزالقيم التي تلتقي حولها الإنسانية ، فهو تجمع سلمي وحراك حضاري هو الاكبر في التاريخ ، ويتجدد كل عام ، وفي كل موسم للزيارة يزداد تعلق الزوار بهذا البرنامج ، ويقطعون عشرات الكيلو مترات وأكثر سيرا على اقدامهم ، في وئام وسلام، وهي رسالة يمكن أن تكون عنوانا سنويا للتأكيد على السلام والمحبة ونبذ العنف ، وهذا بلا شك يعود على العالم اجمع بالفائدة.
وهذه الملايين التي تزحف من كل الانحاء صوب كربلاء تتلقي الخدمات الكاملة من ماكل ومشرب وتهيئة كل وسائل الراحة بقدر المستطاع ، وجميع هذه الخدمات مجانا وبدون مقابل وفي حب تام ، وهذه القيم من كرم وعطاء وايثار وخدمة للناس واحترام للضيوف قيم لو سادت البشرية لأنتهت مشاكلها ولعاش الناس في سلام تام.
هذه الرسالة تقدمها زيارة الاربعين إذ تصلح ان تكون هي اليوم العالمي للإيثار والتفاني والعطاء وخدمة الاخرين ، وان توافق العالم على التعلم من هذه المدرسة لنجح في انهاء التوترات التي يعيشها.
وفي زيارة الاربعين تتجلى الوحدة الإنسانية وينزوى بعيدا الخلاف المذهبي والطائفي إذ يشاهد الناس في كل عام وجود السني إلى جانب أخيه الشيعي يشتركان في الزيارة ويقدمان الخدمة ومثلهما يفعل المسيحي في ترسيخ فعلى لقاعدة ان الناس كل الناس اخوان وان من اراد العيش بسلام وسط الناس دون أن يتعرض لاى حرج فان ذلك متاح وممكن والدليل زيارة الاربعين.
ان زيارة الاربعين حدث استثنائي فريد جدير بالنظر اليه بعيدا عن العناوين المذهبية والطائفية ، وفي الاربعين يمكن لاى مخلص صادق ان يجد نفسه ويعمل على ما يكرس قيم المحبة والود الإيثار والعطاء وخدمة الناس ، وهذه هي الاربعين من زاوية آخرى وما أكثر الزوايا التى يمكن لاى شخص ان ينظر من خلالها لزيارة الاربعين
ويكفي ان نقول ان زيارة الاربعين ذات بعد حضاري وانساني وقيمي عظيم ، وهي اكبر من اى تصنيف ضيق.
سليمان منصور