تضاربت الأنباء حول السيطرة على منطقة جبل موية الاستراتيجية في ولاية سنار جنوب شرق البلاد، بعد أن شهدت معارك عنيف اليومين الماضيين، إذ أكد ضابط رفيع بالجيش السوداني سيطرتهم عليها، فيما تقول قوات الدعم السريع إنها لا تزال متواجدة هناك وقواتها كبدت الجيش خسائر فادحة.
بالتزامن، أكد المندوب المصري الدائم في مجلس الاتحاد الأفريقي، رفض بلاده أي اتجاه لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان. وقال قائد متحرك سنار، العميد قذافي محمد أحمد، إن قوات الجيش استعادت منطقة جبل موية، ولا صحة لما يتداول عن حدوث انسحاب، وتوعد في مقاطع مصورة بمطاردة “الدعم السريع” في كل المناطق بولاية سنار.
وقالت مصادر ميدانية لـ”القدس العربي” إن قوات حميدتي مازالت تتواجد في بعض القرى المحيطة للجبل، بينما انسحب الجزء الأكبر إلى قرية العمارة الشيخ هجو ومصنع سكر سنار، وقبل ذلك قامت بزرع ألغام في عدد من القرى.
وأفاد شهود عيان عن قصف عنيف للطيران على مواقع لـ”الدعم السريع” في مدينة سنجة وعدد من المواقع الأخرى في ولاية سنار.
واشتعلت، أمس الأول، جبهة جبل موية الاستراتيجية الرابطة بين عدة ولايات سودانية، عقب تحرك الجيش ومحاولة إبعاد قوات الدعم السريع التي استولت على الجبل والقرى المحيطة به منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، وهو الأمر الذي وفر لها القدرة لاحقا للاستيلاء كذلك على مدينة سنجة وتهديد مدن ربك وكنانة بولاية النيل الأبيض.
أما في العاصمة الخرطوم، فتفيد المتابعات إلى خفوت في حدة الاشتباكات المباشرة بين الطرفين المتحاربين في مدينتي بحري والخرطوم ـ جبهة المقرن وجبهة المدرعات ـ فيما نفذ الطيران الحربي غارات جوية مكثفة في عدة مناطق وسط وشرق وشمال العاصمة.
وقال سكان محليون لـ”القدس العربي” إنهم شاهدوا تصاعد لأعمدة الدخان من مستشفى يونيفرسال بحي كوبر القريب من سلاح الإشارة التابع للجيش في الخرطوم بحري.
كذلك، أكد آخرون استهداف الطيران الحربي تجمعات لـ”الدعم السريع” في منطقة “ود أبوصالح” في شرق النيل أقصى جنوب شرق الخرطوم، بعد أنباء عن تحرك مرتقبة لتلك القوات نحو مصفاة الجيلي المحاصرة من قبل الجيش.
غرباً، أعلنت القوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة للجيش سيطرتها الكاملة على الحدود الثلاثية التي تجمع السودان وليبيا وتشاد، فيما قامت بعرض رتل من السيارات القتالية، قالت إنها غنائم من “الدعم السريع” في معركة “جبال مدو” في ولاية شمال دارفور. وأشارت إلى أنها خاضت أشرس المعارك ضد قوات حميدتي خلال اليومين الماضيين وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد الحربي.
وقال ناشطون محليون في الفاشر عاصمة الولاية، إن الطيران قصف مواقع لـ”الدعم السريع” شرق المدينة وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من هناك، بعدها ساد الهدوء الحذر كافة الأرجاء.
في منحى آخر، قالت لجان مقاومة مدينة مدني ـ وسط السودان، إن ستة من عناصر “مليشيا” الدعم السريع تهجموا على منزل مواطن في حي المزاد بالمدينة وقاموا بضرب الزوج وربطه وتهديد طفلته بالقتل ذبحاً بالاضافة إلى اغتصاب زوجته بالتناوب لساعات.
وأوضحت في بيان لها، أن الزوجة نقلت لتلقي العلاج بعد تعرضها لتهتك في الرحم وحالة انهيار عصبي حاد ونوبات صراخ وتشنج.
وإلى ذلك، جددت غرفة طوارئ الخرطوم نداءات استغاثة لإنقاذ أهالي جزيرة توتي وسط الخرطوم، وكشفت عن تقييد حركة المواطنين داخل المدينة ومن يخرج يتعرض للضرب والإهانة بالإضافة إلى مداهمة المنازل واعتقالات مواطنين وطلب فدية مقابل إطلاق سراحهم.
وقالت غرفة الطوارئ في بيان: “تم نهب جميع المحلات التجارية في جزيرة توتي وما تحتويه من مواد غذائية ونهب الطعام من المطابخ المشتركة بقوة السلاح”.
وعلى الصعيد ذاته، قالت شبكة أطباء السودان إن قوة من الدعم السريع نهبت جميع المرافق الطبية والصيدليات في “توتي”، ما زاد من معاناة المواطنين المحاصرين.
ويشار إلى أن المعارك تقترب من جزيرة توتي بعد عبور الجيش من جهة أم درمان إلى قلب العاصمة واندلاع معارك استعادة القصر الجمهوري وفك الحصار على مقر القيادة العامة للجيش في تلك النواحي.
وفي سياق انتهاكات الحرب، طالب خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر، بإجراء تحقيق مستقل حول مزاعم الإعدامات الميدانية التي نفذت بحق شباب في منطقة الحلفايا شمالي الخرطوم بحري.
وقال نويصر في بيان له، الخميس، إنه يدعو إلى إجراء تحقيق سريع شامل ومستقل ونزيه في عمليات القتل ومحاسبة الجناة وفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة. وأردف قائلاً: “يجب أن يتوقف الإفلات من العقاب”.
وكانت أطلقت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” اتهامات بتصفية عدد من شباب منطقة الحلفايا من قبل عناصر من الجيش قبل ثلاثة أيام، فيما نفى الجيش بدوره تلك الاتهامات.
سياسياً، أعلنت مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، محمد جاد، رفض مصر أي اتجاه لإرسال قوات افريقية لحماية المدنيين في السودان.
وبيّن في تصريحات صحافية، إن الطرح بإرسال قوات للسودان ليس جديداً، لافتاً إلى عقد اجتماع على هامش الدورة السابقة للجمعية العمومية للأمم المتحدة وتم طرح فكرة إرسال قوات افريقية إلى السودان، وهو ما تم رفضه بشكل قاطع من جانب مصر ومن جانب الدول الإفريقية الأخرى التي شاركت في الاجتماع.
وقبل أيام، نقلت تقارير صحافية عن تصريحات للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الإفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل بهدف حماية المدنيين في السودان، لكنه أحجم عن الكشف عن الوقت المحدد لذلك. ومن جانبها، أكدت مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات، أماني الطويل، أن حل الأزمة السودانية يحتاج إلى فهم عميق، وقالت: “التهور سيكون له عواقب مرعبة على السودان والإقليم”.
ودعت في تدوينة على فيسبوك المبعوث الأمريكي بالتفكير أربع مرات قبل اتخاذ قرار إرسال قوات إلى السودان.
القيادي بقوى الحرية والتغيير ـ الكتلة الديمقراطية ـ مبارك اردول، قال لا يمكن لقوة إفريقية أن تدخل في صراع السوداني الحالي، لافتاً إلى أن الحرب التي تشهدها البلاد واسعة وبآليات مختلفة وتكتيكات سريعة ومتطورة، بالتالي لن تفلح التدخلات العسكرية في مجاراتها وتحقيق مهامها في حماية المدنيين. ودعا اردول، المبعوث الأمريكي إلى تركيز الجهود من أجل دفع الجيش و”الدعم السريع” لمفاوضات وقف الحرب.
وتجدر الإشارة إلى أن وفدا من مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي ترأس مصر دورته الحالية، وصل إلى بورتسودان ـ العاصمة الإدارية المؤقتة، والتقى بعدد من المسؤولين السودانيين على رأسهم رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، بالإضافة إلى قوى سياسية.
المندوب المصري في الاتحاد الإفريقي ـ كان ضمن الوفد الزائر ـ قال إن الإيضاحات التي قدمها لهم رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية.
وأضاف: “إن لقاء الوفد بالبرهان تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان عضويته في الاتحاد الأفريقي، مؤكداً دعمهم للسودان حتى يتم تحقيق السلام”.
المصدر: القدس العربي