أخبار السودان:
:: ومن الحقائق المؤلمة أن البلاد تحصد – بكل أسف – ثمار مبادرة (تصفير السجون) التي أطلقها عثمان ميرغني رئيس تحرير (التيار)، وتبنّتها عائشة موسى عضو المجلس السيادي، ونفّذتها السلطات العدلية والشرطية (مكرهة)، أي وهي بين مطرقة حملة صحفية وسندان عضو السيادية.. وكنا قد حذّرنا السلطات – المسماة بالمسؤولة – من مخاطر إطلاق سراح (كل النزلاء)، أو كما كاد أن يفعل عثمان وعائشة..!!
:: فالتصفير يعني إخلاء السجون من (كل النزلاء)، وهذا ما لا يحدث إلا في موطن الفوضى (بلادنا)، وبالمبادرات العبثية وغير المسؤولة التي من شاكلة (فكوهم كلهم).. لإطلاق سراح النزلاء شروط وضوابط معمول بها دولياً، ويتم بعد تصنيفهم حسب جرائمهم، ثم أعمارهم وحالاتهم الاجتماعية، والفترة التي قضوها في السجن، واثر السجن في سلوكهم و.. و.. و..!!
:: ولكن للأسف، تم إطلاق سراح الآلاف – 4217 نزيلاً – بعد أسابيع من المُبادرة، رغم أن حدثاً كهذا بحاجة إلى نصف عام – أو أكثر – كفترة لرصد الحالات ودراستها.. لم يفعلوا أي شئ غير فتح أبواب السجون، ليخرج منها حتى من دخلوها بجرائم اغتصاب الأطفال والتحرش بهم، وهذا ما لا يحدث إلا في موطن العبث (بلادنا).. فالمحكوم في مثل هذه القضايا – ما لم يكن سودانياً في عهد تصفير السجون – يبقى تحت الرقابة حتى بعد أن يكمل فترة العقاب..!!
:: والمهم.. وراء كل جريمة نهب – حدثت بالخرطوم – مُعتاد إجرام، أي من ذوي السوابق.. والسرقة تختلف عن النهب، بحيث تتم بخفاء وفي غفلة الضحية.. ولكن النهب يتم جهاراً وعنوة واقتداراً، وبعد قهر – أو قتل – صاحب المال المنهوب.. والسرقات ليست بدعة بالخرطوم، ولكن ظاهرة النهب لم تكن بكل هذا الحضور المُزعج، ومن الخطأ أن ندفن الرؤوس في الرمال خوفاً من الحقيقة المُرّة..!!
:: (ليس أقل من خمسين ألف مكالمة في اليوم)، هكذا رد المتحدث باسم الشرطة اللواء عمر عبد الماجد، عندما سألته صحيفة “الانتباهة” عن عدد مكالمات النجدة التي تتلقّاها الشرطة، وهذا الرقم ليس بقليل، ولا بمعدل طبيعي.. والمؤسف – في ذات الحوار – هو جهل المتحدث باسم الشرطة بإحصائيات الجرائم، بما فيها النهب المسلح..!!
:: (ليست لديّ الآن إحصائية محددة)، هكذا حال المتحدث باسم الشرطة.. لا يعرف إحصائيات الجرائم.. معرفة الإحصائيات ليست صعبة، ولكن ربما يظن المتحدث باسم الشرطة بأن الإجابة المثالية لوسائل الإعلام والمُفضلة للرأي العام هي (ما عارف).. والمُدهش أنه يعرف عدد طلبات النجدة (ليس أقل من خمسين ألفاً).. وما لم يكن قد استنجدوا به شخصياً، فمن الغرائب أن يعرف عدد طلبات النجدة ويجهل عدد الجرائم..!!
:: والأدهى، رغم أنه لا يعرف إحصائيات الجرائم، لم يكتف بعدم المعرفة، بل قال – في ذات الحوار – بالنص: (استطيع أن أقول إن مؤشرات الجريمة في انخفاض)، فتأملوا.. لا يعرف عدد الجرائم، ولكن يعرف أنها في انخفاض، وهذا هو المعنى الحرفي لما نُسمِّيه بـ(كلام ساكت)، أي اللا مهني وغير المفيد.. وقعت آخر الجرائم – أمس الأول – بإحدى محطات الوقود بأم درمان، بحيث وجدوا وكيل المحطة مقتولاً..!!
:: وقبل جريمة محطة الوقود، كانت جريمة قتل طالب جامعة أم درمان الإسلامية، رحمهما الله.. وهكذا.. فالخرطوم صارت تشهد جرائم نهب تهز الرأي العام، والمسؤولية تقتضي مواجهة ما يحدث بشفافية وشجاعة وليس بـ(ما عارف) و(الدسدسة والغتغيت)… ونواصل دق ناقوس الخطر والحذر..!!
الطاهر ساتي
الصيحة