تصريحات بلينكن حول وقف إطلاق النار في غزة: تناقضات وأهداف سياسية
في مؤتمر صحفي عُقد في الدوحة، قدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تصريحات حول مقترح لوقف إطلاق النار في غزة قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً نظرًا لما اعتبره بعض المحللين أكاذيب ومعلومات مضللة.
المزاعم الأمريكية حول المقترح
ادعى بلينكن أن خطة وقف إطلاق النار ذات المراحل الثلاث التي أعلن عنها بايدن في 31 مايو كانت “مقترحًا إسرائيليًا”، وأن إسرائيل تدعمه بالكامل. وأكد خلال الجلسة أنه ليس هناك حاجة للضغط على إسرائيل لقبول المقترح لأنها وافقت عليه بالفعل. ومع ذلك، تظهر الحقيقة عكس ذلك، حيث لم تصدر إسرائيل أي تأكيد علني لقبولها لهذه الخطة منذ إعلان بايدن.
على العكس من ذلك، كان هناك معارضة واضحة من المسؤولين الإسرائيليين للخطة. في الأمم المتحدة، أوضحت ممثلة إسرائيل، ريوت شابير بن-نفتالي، أن أهداف إسرائيل في الحرب لم تتغير، وأنها ستستمر في العمليات العسكرية حتى يتم تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية. تصريحات مثل هذه تؤكد أن إسرائيل لم توافق حتى على شروط الهدنة المقترحة.
موقف حماس والمقترح الأمريكي
أشار بلينكن إلى أن المقترح الأمريكي مشابه جدًا لمقترح قدمته حماس في 6 مايو. ومع ذلك، فإن المقترحين يختلفان بشكل كبير. مقترح حماس كان يدعو إلى إنهاء الحصار غير القانوني على غزة ولم يوفر لإسرائيل مخرجًا سهلاً بعد المرحلة الأولى. بلينكن اتهم حماس بمحاولة تغيير شروط المقترح الأمريكي، إلا أن ما قامت به حماس كان محاولة تقريب الشروط إلى مقترحها الأولي الذي يدعو إلى إنهاء الحرب فعليًا.
الدعم الدولي والعرقلة الأمريكية
ادعى بلينكن أن العالم كله يدعم المقترح الأمريكي وأن حماس هي الجهة الوحيدة التي تعرقل التنفيذ. هذه التصريحات مضللة إلى حد كبير. في الأشهر الأخيرة، رفضت الولايات المتحدة وإسرائيل عدة مقترحات جادة لوقف إطلاق النار، كانت مدعومة من حماس والمجتمع الدولي. المقترح الأمريكي الأخير تم دعمه فقط لأنه كان الخيار الوحيد المتاح الذي وافقت عليه الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف مؤقت للأعمال العدائية.
الاتهامات الأمريكية لحماس
اتهم بلينكن حماس بأنها سبب تأخير وقف إطلاق النار لمدة 12 يومًا، زاعمًا أن حماس هي المسؤولة عن معاناة الفلسطينيين خلال هذه الفترة. ومع ذلك، يظهر الواقع أن إعلان بايدن في 31 مايو لم يتضمن تفاصيل مكتوبة تم تقديمها لحماس حتى وقت لاحق. المصادر تشير إلى أن حماس لم تتلقَ المسودة النهائية إلا بحلول 6 يونيو، وردت على المقترح في 11 يونيو، مما يعني أن الفارق بين الإعلان والرد كان خمسة أيام فقط وليس 12 يومًا كما زعم بلينكن.
الأهداف الأمريكية والإسرائيلية
من خلال هذه المناورات الدبلوماسية، يبدو أن إدارة بايدن تسعى لتحقيق أهداف سياسية داخلية أكثر من تحقيق السلام الفعلي في غزة. الادعاءات بأن الإدارة حاولت بذل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب ولكن حماس كانت العائق، تُستخدم كوسيلة لتبرير موقفها أمام الناخبين الأمريكيين. هذا التأطير يهدف إلى حماية إسرائيل من الانتقادات بشأن قتل المدنيين في غزة وتصوير الولايات المتحدة كشريك فعال في السعي للسلام.
الاستنتاجات
تصريحات بلينكن في المؤتمر الصحفي توضح تناقضًا كبيرًا بين الرواية الأمريكية الرسمية والواقع على الأرض في غزة. بلينكن قام بتقديم معلومات مضللة حول موافقة إسرائيل على خطة بايدن، وحاول إلقاء اللوم على حماس في تعطيل وقف إطلاق النار. بينما تواصل إسرائيل التزامها بالعمليات العسكرية في غزة، يستمر الفلسطينيون في المعاناة وسط حالة من الفوضى والعنف. يبدو أن الجهود الأمريكية لتقديم حل دائم لوقف القتال تصطدم بالواقع المعقد للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتحديات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة.
في النهاية، يظهر أن المناورات الدبلوماسية الأمريكية تهدف بشكل أساسي إلى تحقيق أهداف سياسية داخلية أكثر من تقديم حلول واقعية للأزمة الإنسانية المستمرة في غزة.