تصاعدت وتيرة المواجهات المسلحة، أمس الجمعة، بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى بدارفور، بالتزامن مع تواصل جلسات التفاوض بين الطرفين في مدينة جدة السعودية المتعلقة بإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية.
وقال شهود عيان لـ”القدس العربي”، إن الطيران الحربي شن هجمات مكثفة على معسكر طبية التابع لـ”الدعم” بمنطقة جبل أولياء أقصى جنوب الخرطوم، كذلك استهدف تجمعات وارتكازات أخرى نواحي المدينة الرياضية وأرض المعسكرات جنوب شرق العاصمة، كما قصفت مسيرات الجيش مدرعة وعربات قتالية في حي الامتداد وسط الخرطوم.
وأفادوا أن منطقة الكدرو، شمال مدينة بحري، شهدت هي الأخرى مواجهات مباشرة بين الطرفين أسفرت عن تدمير عربية عسكرية تتبع لـ”الدعم” ومقتل عدد من جنودها، في حين شهدت مدينة أم درمان مناوشات محدودة مع تبادل للقصف المدفعي.
أما في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، فقد نشرت منصات “الدعم السريع” في موقع التواصل الاجتماعي “أكس” – تويتر سابقاً – مقطعاً مصوراً، لشقيق حميدتي وقائد ثاني “الدعم” عبدالرحيم دقلو من أمام قيادة الفرقة 16 مشاة، دعا خلالها قواته بتأمين المواطنين وفتح الأسواق والمرافق العامة.
ودعا “دقلو” المواطنين الذين غادروا مدينة نيالا بسبب الأحداث العسكرية بالعودة إلى ديارهم، ووجه الشرطة والنيابة بمزاولة أعمالهم في فتح أقسام الشرطة وفتح البلاغات وممارسة كافة صلاحياتها لحماية المواطنين.
وأعلن أن قواته فرضت سيطرتها الكاملة على الفرقة 16 مشاة نيالا بالكامل، وطالب حركات الكفاح المسلح الانضمام إلى تشكيل قوات مشتركة مع الدعم السريع لحماية المواطنين وتأمين المناطق، وقال: “انتهينا من العدو الأصغر إلى العدو الأكبر، وهو جهاد النفس وتوفير الأمن للمواطنين”.
ورغم إعلان “الدعم” السيطرة على قيادة الفرقة 16 مشاة ونشر فيديوهات توثق ذلك أمس الأول، فإن الأنباء مازالت متواترة عن احتدام المعارك داخل وخارج الفرقة بعد أن قام الجيش بهجوم مباغت مسنوداً بالطيران الحربي.
وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية بياناً أدانت فيه احتلال المليشيا المتمردة – حد وصفها – لمستشفى الطوارئ الإيطالي بنيالا.
وقال البيان إنه في انتهاك صارخ جديد للقانون الدولي الإنساني، قامت المليشيا المتمردة باحتلال مستشفى الطوارئ الإيطالي بنيالا، جنوب دارفور، واحتجزت الأطباء الممرضين والكوادر الصحية المساعدة، كما أجبرت المرضى على إخلاء المستشفى وحولته إلى حامية عسكرية.
واعتبر أن احتلال المستشفى جريمة الإرهابية مخالفة سافرة لاتفاقية جنيف وبروتوكولاتها الأربعة تحديداً. وناشد المجتمع الدولي، خاصة المنظمات الإنسانية، إدانة هذه الأفعال الشنيعة، والدفع لإطلاق سراح الأطباء والممرضين والكوادر الصحية. في الموازاة، تتوصل جلسات التفاوض بين طرفي النزاع المسلح في مدينة جدة السعودية بهدف وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية. وتفيد المتابعات أن الوسطاء أجروا مشاورات قبيل انطلاق الجلسات مع وفدي الجيش والدعم السريع، بعدها انخرط الجانبان في مناقشة الأجندة وسط تعتيم إعلامي.
وإلى ذلك، قالت قوات الدعم السريع إنها في إطار تعزيز بناء الثقة وتأكيداً على الرغبة الصادقة لإنجاح التفاوض؛ وجهت قيادتها بإطلاق سراح عدد 265 من أسرى القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى.
والخميس، أعلنت وزارة الخارجية السعودية استئناف محادثات السلام السودانية في مدينة جدة بين ممثلين عن الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت في بيان: “استأنف طرفا النزاع في السودان مفاوضاتهما في مدينة جدّة السعودية بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ستة أشهر والتي أودت بحياة أكثر من تسعة آلاف شخص”.
وحثت الطرفين على استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة بالالتزام بحماية المدنيين الموقع في 11 مايو/أيار الماضي، واتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقع بين الطرفين في العشرين من الشهر نفسه.
وتشهد المفاوضات في هذه الجولة حضور ممثلين من الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد، بالإضافة إلى الوساطة السعودية الأمريكية السابقة.
وعلى صعيد مختلف، أعلنت دول الترويكا (النرويج، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) ترحيبها بعقد اجتماع في أديس أبابا لمجموعة واسعة من الجهات الفاعلة المدنية وأصحاب المصلحة، معتبرة أنها خطوة مهمة نحو تشكيل جبهة مدنية شاملة وتمثيلية مؤيدة للديمقراطية.
وأوضحت الترويكا في تصريح صحافي لها، الجمعة، أنها تشجع البحث عن مجالات التقارب وتشكيل جبهة مدنية قوية مؤيدة للديمقراطية يمكنها أن تبدأ عملية معالجة القضايا الانتقالية وقضايا الحكم والتوصل إلى إجماع وطني للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف القتال وتسهيل المساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها. والإثنين، انعقد اجتماع تشاوري ضم قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي – وكيانات وأجساماً نقابية وثورية بهدف التحضير لمؤتمر يشمل الجبهة المدنية، وخلصت المشاورات إلى تكوين لجنة تنسيقية وهيئة قيادية برئاسة رئيس الوزراء الانتقالي السابق، عبدالله حمدوك.
وفي أول تصريحاته، رحب “حمدوك” بانطلاق جولة مباحثات جدة، ودعا وفدي الجيش والدعم السريع إلى التحلي بالإرادة السياسية لحل يوقف إطلاق النار ويعالج الكارثة الإنسانية، وأعلن استعداده لرئاسة الهيئة القيادية التحضيرية وصولاً إلى المؤتمر التأسيسي، مؤكدًا دعمه لتوصيات الاجتماع التحضيري. وأشار إلى أن الاجتماع التحضيري كان خطوة أولى وبداية لعملية تنسق وتوحد الموقف المدني الديمقراطي المناهض للحرب.
وعقد مجلس السيادة الانتقالي، أمس في مدينة بورتسودان، أول اجتماع له منذ اندلاع الحرب في السودان، وناقش الاجتماع الأوضاع الاقتصادية والأمنية الراهنة.
ورأس الاجتماع عبد الفتاح البرهان، بحضور نائبه مالك عقار، وعضوي المجلس السيادي، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي والفريق مهندس إبراهيم جابر، بينما غاب عن الاجتماع الفريق ياسر العطا والعضوان عن الطاهر جحر والهادي عن حركات الكفاح المسلحة.
ووفقاً لتصريح صحافي، تطرق الاجتماع للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها “المليشيا المتمردة” – الدعم السريع – ضد المواطنين الأبرياء والتخريب المتعمد للمرافق والمنشآت العامة. كما تناول قضايا معيشة الناس ومجهودات الحكومة في تأمين الغذاء والدواء للمواطنين في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد.
المصدر: القدس العربي