تشاد تنتفض لكرامتها
الاستعمار شيئ بغيض ، والمستعمر مجرد من الأخلاق والذوق ، ومن بين المستعمرين عرفت فرنسا بأنها أسوأ أنواع الاستعمار ، فقد مارست ماعرف بالاستعمار الاستيطانى الذى يلغى هوية البلد التى يستعمرها ، ويسعى لإحداث تغيير ثقافى شامل ، وفرض رؤيته الثقافية على البلد ، وطمس ماضيها وتراثها ، وليس فقط السيطرة السياسية ، وايضا يسعى الاستعمار إلى خلق اجيال كاملة من السياسيين والمثقفين تدين له بالولاء ، وتعمل على حماية مصالحه ، وينشئ المؤسسات التعليمية ، ويوظف خريجيها فى مؤسسات الدولة ، ويبقون هم حماة المستعمر ، ومنفذى خططه وسياساته.
وقد عرفت اجزاء واسعة من أفريقيا سوء الاستعمار الفرنسي ، ومن بين الدول التى عانت بشدة من سوء الفرنسيين وشدة باسهم وتسلطهم فى غرب القارة تشاد ومالى والنيجر وفى شمالها تونس والجزائر والمغرب .
الماليون والجزائريون كانوا من أوائل المنتفضين ضد فرنسا فى هذه الهبة الأخيرة ، حتى ليخيل للناظر أن الحكومات والشعوب قد وعت الدرس وصممت معا على اقتلاع النفوذ الفرنسى الذى ظل مكبلا لهذه البلدان ومانعا من مسيرة الانعتاق والاستقلال .
الجزائريون والماليون اتخذوا قرارات واضحة وقوية ضد فرنسا وهيمنتها ، وأشد ما ٱلم المستكبرين أن الحكومات تحالفت مع شعوبها ضد فرنسا ، وقد توجت هذه الجهود بنتائج إيجابية مما دفع عددا من الشعوب للحراك ضد هيمنة فرنسا وسرقتها لموارد القارة .
ومن هذه التحركات تلك التظاهرة ضد الوجود الفرنسي في تشاد ، فقد تظاهر المئات وربما الآلاف من الناس في عاصمة تشاد ، احتجاجاً على وجود فرنسا في بلادهم ، ويتهمون باريس بدعم المجلس العسكري الحاكم.
وخلال المسيرة انضم عدد من الطلاب وطلاب الجامعات على دراجات نارية إلى المتظاهرين
وقال شهود عيان أن لوكالة فرانس برس أن المتظاهرين طالبوا بضرورة خروج القوات الفرنسية من بلادهم وايقاف التدخلات السافرة لباريس فى شؤونهم الداخلية ومن بينها دعم فرنسا المجلس العسكرى الحاكم برئاسة محمد ديبى.
وقالت الوكالة إنّ المتظاهرين رددوا هتافات بينها “فرنسا إرحلي!” و”لا للاستعمار” وأحرقوا علمين على الأقل للسلطة الاستعمارية السابقة وخربوا عدداً من محطات الوقود التابعة لمجموعة توتال “رمز” فرنسا. كما اقتلعوا مضخات واستولوا على بعض المنتجات المعروضة.
وسمحت السلطات بهذه التظاهرة التي نظمتها منصة المجتمع المدني المعارضة وتم نشر قوات أمنية في المدينة.
الجدير بالذكر أنّه في 20 أبريل 2021، أعلن الجيش مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو الذي كان يحكم البلاد منذ ثلاثين عاماً بقبضة حديد.
وفي اليوم نفسه، أعلن الجيش ابنه محمد إدريس ديبي إتنو “رئيساً انتقالياً” يقود مجلساً عسكرياً يضم 15 جنرالاً، ووعد بإجراء “انتخابات حرة وديموقراطية” بعد فترة انتقالية تستمر 18 شهراً، في نهاية حوار وطني شامل مع المعارضة السياسية والمسلحة.
وقد قبل به المجتمع الدولي وخصوصاً فرنسا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي رغم أنها فرضت عقوبات على العسكريين الانقلابيين في أماكن أخرى في أفريقيا.
وفي السادس من أبريل أعلنت منصة “واكيت تاما” المعارضة تعليق محادثاتها مع المجلس العسكري مستنكرة خصوصاً “إصرار المجتمع الدولي على دعم نظام غير قانوني وغير شرعي مهما كلف الأمر”
.ويعتبر التشاديون تظاهراتهم انتفاضة لحفظ كرامتهم وانتزاع حقوقهم التى استولت فرنسا عليها وما زالت تنهبها منذ عشرات السنين.
سليمان منصور