تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى
تتحدث مجالس المدينة جهرا عن احتدام الخلاف بين أعضاء المجلس السيادى القائم حاليا ، وهو المتشكل بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ، ومحاولات البرهان اليائسة بحصول انقلابه على تأييد جماهيري يتمثل فى تشكيل المجلس بطريقة راعت أن يكون هناك عضو عن أى إقليم ، وكان هؤلاء الأعضاء الداعمين لانقلاب البرهان قد اختارتهم الجماهير فى ولايتهم حتى يتقوى بهم الرجل ويؤسس بهم لشرعية يعلم أنهم ليسو مصدرها ، ويعلم الجميع كيف أن الناس فى طول البلاد وعرضها قد قالوا كلمتهم فى كثير من المناسبات بأنه لا نكوص عن التحول الديمقراطى وارساء قواعد الحكم المدنى وتحقيق السلام والديمقراطية المستدامة ، وهو ما يجعل كل محاولات الانقلابيين لشرعنة حكمهم تذهب أدراج الرياح ، ولن يصح الا الصحيح .
اعضاء مجلس السيادة الذين عينهم البرهان وجدوا أنفسهم مجرد كومبارس يوظفهم الانقلاب ليصل بهم إلى مايريد ، ومثل التجاهل الشعبى لهم ، وعدم التجاوب الجماهيرى معهم ، صدمة لبعضهم ، خاصة أولئك الذين كانوا يعولون على قبول الشارع بالانقلاب ، وأدى الرفض الواسع له إلى اعتبارهم عند الكثيرين مجرد أدوات فى يد العسكر يحققون بهم مآربهم ليس إلا.
المجلس السيادى ليس ساحة للوفاق بين أعضائه فكيف يشكل مجلسا يلتف حوله الناس ؟
تقول حكاوى المدينة المبثوثة أن الخلاف قد احتدم بين بعض العسكر من أعضاء المجلس ، ومع أن الحديث عن خلاف قديم بين بعض الضباط الا ان ماراج أكثر واتسعت دائرة تناوله والتعليق عليه هو مايقال عن خلاف بين البرهان وحميدتى ، ويقال – والعهدة على الرواة – أن عددا من النقاط مختلف عليها بين الرجلين وتتباين حولها الرؤى ، لكن يبقى التطبيع مع العدو الإسرائيلي والتواصل مع حكومة العدو وبالذات في شقها الامنى والعسكرى يبقى هذا هو الموضوع الأكثر حساسية والذى يعمق النزاع بين الرجلين .
كذلك يختلف الرجلان حول ملف العلاقات الخارجية والارتباك الحادث لكل واحد منهما وفريقه عند زيارة الآخر لعاصمة هناك خلاف حولها ، واتضح ذلك لدى زيارات الطرفين لموسكو وانقرة وأبو ظبى والرياض والقاهرة .
من جهة أخرى كشفت تقارير صحافية الأربعاء ، عن أنّ اجتماع مجلس السيادة الذي انعقد الأثنين الماضى بالقصر الرئاسي ، شهد تبادلاً للاتّهامات ، بين نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو ، والعضو المثير للجدل أبو القاسم برطم، وذلك عندما أتهم حميدتى زميله بالانحياز الجهويّ ومراعاة المصالح الشخصية ، على خلفية ترشيحه لنائب محافظ بنك السودان المركزي.
ووفقًا لما أشارت صحيفة الحراك السياسي الصادرة، الأربعاء، فإنّ حميدتي اتّهم برطم ، بترشيح أحد أبناء الشمال ، قال إنّه تجمعهما مصلحة خاصة ، لتولي منصب نائب محافظ بنك السودان.
بدوره ردّ برطم على حميدتي ، واتّهمه بالسعي للسيطرة على بنك السودان المركزي ، ووزارات المالية والطاقة والنفط والمعادن وشركات البترول، بواسطة تعيين أبناء مناطق محدّدة من الموالين له.
واتّهم برطم حميدتي برفض تعيينات أبناء الشمال والوسط المؤهلين في مواقع قيادية بالدولة ، ما دفع حميدتي لدمغ برطم بأنّه محرّض ضده من قبل آخرين بمجلس السيادة…شتى
وقالت الصحيفة، إنّ برطم ردّ ساخرًا لحميدتي، قائلا” إنني شخص نابغ وذو خبرة ومؤهل ولا أحتاج إلى شخصٍ أنّ يحرّضني على الاعتراض على الممارسات الخاطئة التي تمارسها في احتكار موارد البلاد لشركات الدعم السريع”.
وفي السياق ، دفعت المواجهات بين حميدتي وبرطم ، رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان ، لرفع الاجتماع . وقالت الصحيفة إنّ حميدتي ذهب عقب ذلك غاضبًا إلى رئيس المجلس شاكيًا من الاتّهامات التي وجّهها عضو المجلس برطم له.
طالما تاسس هذا المجلس بصورة غير شرعية ، وتقوم علاقة أعضائه على مصالح وتقديرات خاصة ، فليس مستبعدا أن تطفو خلافاتهم إلى السطح فهم ليسو على وفاق ، وليسو على قلب رجل واحد وانما يصلح عليهم وصف تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
سليمان منصور