تتواصل الدعوات التحريضية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من سكان مدينة القدس المحتلة باعتبارهم “مشكلة أمنية” لدولة الاحتلال.
وطالب جنرال إسرائيلي متقاعد، حكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو، بضرورة العمل على توفير أجوبة فورية للتحديات الأمنية الناجمة عن إقامة هؤلاء الفلسطينيين في القدس.
وقال ميخائيل ميلشتاين، الرئيس السابق لدائرة الشعبة الفلسطينية في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “ترفع العمليات القاسية التي وقعت في القدس مؤخرا إلى الذاكرة إحساسا بتكرار الأحداث، فكل بضع سنوات ينفذ فلسطينيون من سكان القدس عمليات داخل المدينة وخارجها، وذلك باستثمار قدرتهم على الحركة بين المناطق والداخل الإسرائيلي”.
وأشار إلى أن الكثير من الإسرائيليين طالبوا باستخدام “مزيد من القوة في القدس من خلال؛ نشر قوات، نصب حواجز، وتكثيف الجهود الاستخبارية والعملياتية”، ملمحا إلى فشل الإجراءات الإسرائيلية؛ الأمنية والعسكرية، في وقف العمليات الفلسطينية.
وقال: “الآن، مثلما في السنوات الماضية يدور الحديث عن جهد قد ينجح في إطفاء حريق محلي، لكنه سيترك الفيل الذي يوجد في الغرفة وينمو كل الوقت؛ منذ 55 عاما يوجد نحو 370 ألف فلسطيني من سكان القدس، في مكانة غامضة بقرار من إسرائيل؛ هم يعدون 40 في المئة من سكان المدينة ومعدلهم يرتفع باستمرار، وهؤلاء الفلسطينيون يحملون بطاقة هوية زرقاء لكنهم ليسوا إسرائيليين؛ يتلقون خدمات التأمين الوطني الاسرائيلي، لكنهم يصوتون للبرلمان الفلسطيني، هم يعيشون تحت حكم إسرائيل لكنهم يرتبطون سياسيا واجتماعيا بروابط مع السلطة الفلسطينية”.
وأكد ميلشتاين، أن “هذا الوضع الانتقالي على مدى السنين، ولد عللا شديدة ذات آثار استراتيجية، وعلى رأسها سيطرة محدودة نسبيا لإسرائيل على الفلسطينيين في القدس، وهذا الوضع يخلق فراغا سلطويا مليئا بالفوضى، ما ألزم إسرائيل مرتين خلال فترة كورونا السماح بانتشار قوات أمنية فلسطينية في تلك المناطق، وإلى هذا يضاف الفراغ القيادي العميق في شرقي المدينة، والذي ينبع في قسم منه من الصراع العنيد لإسرائيل ضد النشاطات السياسية أو الجماهيرية في تلك المنطقة”.
وقال إن احتفال الفلسطينيين في القدس عقب تنفيذ عملية قرب مستوطنة “نفيه يعقوب” بالقدس والتي قتل فيها 7 مستوطنين، بالتوازي مع احتفالات الفرح في مواقع أخرى في الساحة الفلسطينية،” لا يترك مجالا للشك حول ميل قلوب أغلبية سكان المدينة، هم فلسطينيون في هويتهم، متمسكون بالرواية الجماعية الفلسطينية، يشعرون باغتراب شديد تجاه الحكم الإسرائيلي، بل وبعض منهم يعرف نفسه كصاحب رسالة لحماية المسجد الأقصى من الاقتحامات الصهيونية”.
وبين الخبير، أن “الشروط الأساسية لأهل القدس العرب، تساهم أيضا في احتدام إحساس الاغتراب؛ 61 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر (مقارنة بـ 32 في المئة من الجمهور اليهودي في القدس و 16 في المئة في الجمهور اليهودي في كل إسرائيل)، معدل البطالة في أوساطهم أعلى بكثير من المتوسط، ويبرز أساسا في أوساط المتعلمين في الجيل الشاب، وبشكل ثابت تثور شكاوى على التمييز في كل ما يتعلق بتلقي خدمات البلدية (تابعة للاحتلال)”.
ورأى المسؤول السابق في “أمان”، أن “الرد على العمليات الأخيرة لا يمكنه أن يتلخص بهدم وإغلاق منازل وسحب حقوق التأمين من منفذي العمليات ومن يدعمونهم”.
ونبه إلى أنه “هناك ضرورة لنقاش عميق في المسألة المحتدمة المتعلقة بقدرة وجود حياة مشتركة للجماعتين في القدس، حديث يشكل أساسا لبحث أوسع واجب حول إمكانية وجود مشترك في كيان واحد اذا ما تحقق سيناريو الدولة الواحدة”.
وقال الجنرال: “مثلما في مجالات أخرى، في موضوع القدس أيضا الحكومة مطالبة ليس فقط بأن توفر جوابا فوريا للتحديات الأمنية بل وأن تفكر أيضا بشكل معمق في حل للمدى البعيد يستوجب قرارات حاسمة”، مضيفا: “سبق للتاريخ أن أثبت، أنه في حال لم تتخذ هذه القرارات قبل فوات الأوان وبمبادرة إسرائيل، فإنها ستتحقق بعد تلقي الضربات، بتسرع ومن موقع متدن استراتيجيا”.
المصدر: عربي21