طفت إلى السطح مرة أخرى أزمة الوقود وخاصة الجازولين في وقت يشهد فيه البنزين انفراجاً نسبيًا
وعادت ظاهرة صفوف السيارات في محطات الخدمة بصورة كثيفة.
وأصبح المواطن يمضي سحابة يومه في المحطات للحصول على الوقود، فبالرغم من أن إنتاج البلاد مستمر رغماً عن المشكلات والتحديات التي تواجهه واستمرار عملية الاستيراد لسد العجز إلا أن الأزمة ما زالت تطفو الى السطح في فترات متقاربة دون تبريرات واضحة .
والشاهد حتى يوم أمس انعدام تام للجازولين في عدد كبير من محطات الوقود الرئيسية بالخرطوم بالرغم من جهود الدولة وتأكيداتها على معالجة الأمر ووصول كميات كبيرة من الوقود في ميناء يورتسودان بانها كفيلة بسد الفجوة المقدرة بـ 800 طن يوميًا بجانب جهود حثيثة لتحقيق وفرة في كل محطات الوقود.
مصدر بوزارة الطاقة والنفط نفي بدوره لـ(الصيحة) وجود مشكلة في كمية البنزين، وعزا الأزمة الحالية في الجازولين الى انها إدارية ويجري معالجتها، ولفت الى وجود مشكلة في النقل، مؤكداً أن الوزارة تتبع ذات النظام الموجود لتوفير الوقود، مشيراً الى أن البلاد تنتج 80% من الاستهلاك المحلي ويتم استيراد 20% من عجز الفجوة من الخارج كل شهرين، جازمًا بأن المصفاة تعمل بطاقتها القصوى ووصول بواخر محملة بالوقود في ميناء بورتسودان ونوه إلى استقرار في الجازولين لقطاع المواصلات.
وقطع بأن مسئولية وزارة الطاقة توفير الإمداد والتوزيع يندرج تحت مسؤولية النقل والبترول ولاية الخرطوم
فيما يؤكد صاحب عربات لنقل البترول عدم وجود مشكلة في النقل، وعزا الأزمة الحالية في الوقود إلى نقص في حصص الوقود، وشكا لـ (الصيحة) تضاعف تكلفة النقل الى عشرة أضعاف مقارنة مع قيمة الترحيل فضلاً عن ارتفاع أسعار الاسبيرات لعربات النقل ذات الحمولة الكبيرة
ويتفق خبراء اقتصاديون بأن أزمة الوقود في البلاد إدارية وسياسية قبل أن تكون اقتصادية ما يؤكد على وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار، وأشاروا الى أنه من المفترض وحسب سياسة الترشيد والتقشف التي اتبعتها الدولة ورفع الدعم التدريجي عن الوقود وغيره من الخدمات بغرض توفير الأساسيات من السلع ألا يجد المواطن معاناة في شتى المجالات للحصول على السلع بصورة كبيرة، خاصة وأن المواطن اكتوى بنار السياسة الانكماشية وأثرها السالب في توفر السلع والخدمات في ظل غياب الإنتاج والإنتاجية فضلاً عن الأثر البالغ جدًا لأزمة الجازولين والوقود وتأثيرها على معاش الناس، ما أرجع البلاد للمربع الأول المتمثل في وضع الندرة السائد قبل سياسة التحرير الاقتصادي. واعتبروا تكدس السيارات في محطات الوقود تعطيلاً لطاقة كبيرة جدًا وأن المبررات التي ساقتها الحكومة بشأن الأزمة غير مقبولة.
ويرى الخبير الاقتصادي طارق عوض بأن الوضع الحالي مأزوم لجهة أن الأسباب الحقيقية لأزمة الجازولين غير معلومة للرأي العام وقال بأن أزمة الوقود بصورة عامة تتجدد كل حين مما يؤكد عدم قدرة الحكومة على الالتزام بتوفير النقد الأجنبي المطلوب لاستيراد البواخر بجانب المشكلات التي طرأت في الميناء وتأخير تفريغ البواخر مما ينعكس سلباً على قطاعات اقتصادية عدة يمثل الجازولين صمام الأمان لها، وزاد قائلاً: عدم توفر الجازولين يؤثر على قطاع المواصلات والزراعة مما ينعكس على الاقتصاد الوطني في ظل عدم التوازن في ميزان المدفوعات الخارجي، وأشار لـ(الصيحة) بأن الحكومة في وقت سابق لجأت الى شراء النقد الأجنبي من السوق الموازي بغرض استيراد الوقود مما أثر على أسعار الدولار وعقب التحرير التام لسعر الصرف ودخول أموال مقدرة من النقد الأجنبي للبنوك التجارية إلا أن المشكلة ما تزال قائمة.
ولفت إلى توقف الدعم الخارجي الوضع الحالي بالكارثي ينذر بتجدد الأزمة مرات ومرات، وقال إن سياسة رفع الدعم عن المحروقات لم تثمر وعلى الحكومة الحصول على دعم خارجي أو حدوث معجزة تتمثل في ظهور مكتشفات بترولية. وأشار الى إن أحد أسباب الأزمة يتمثل في الأعطال المتوالية لمصفاة الخرطوم خلال الفترة الماضية مما عمل على تراجع المنتج المحلي من المشتقات النفطية، لافتًا الى أن الولايات تعاني من شح كبير في الوقود بشكل عام، بجانب وجود تخوف كبير وسط المزارعين من عدم توفر الجازولين لبداية الموسم الزراعي ولا بد للحكومة من استيراد كميات كبيرة من الوقود لمقابلة الموسم الزراعي.
وشكا عدد من السائقين وأصحاب السيارات في عدد من طلمبات شمال بحري من الوقوف لفترة تمتد قرابة الاسبوع من أجل الحصول على الجازولين مشيرين الى المعاناة خلال نهار رمضان جراء انتظار تانكر الوقود وفي بعض الأحيان تصل تناكر ذات حمولة صغيرة لا تكاد تكفي حيث يقطع الجازولين في عدد كبير من العربات مما يضطرهم للمبيت في الطلمبة.
وقال مشرف بطلمبة بشائر إن الحصص من الوقود تناقصت من المصفاة الى حد كبير.. وعزا التأخير الى شركات التوزيع والنقل ونفى ان يكونوا طرفًا في المسألة وحصر مسؤوليتهم في تلقي الحصص وتوزيعها فقط داخل المحطة بالسعر المعلن.
صحيفة الصيحة