برر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قطع العلاقات مع المغرب، بأن ذلك كان البديل لـ”الحرب” بين الدولتين، وأنه كان نتيجة تراكمات بدأت في الستينيات.
وقال تبون في مقابلة مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، نشرتها اليوم الجمعة؛ إن قطع العلاقات مع المملكة المغربية صيف العام 2021، كان “نتيجة تراكمات منذ العام 1963”.
وأضاف أن “النظام المغربي هو من سبب المشاكل وليس الشعب، فهناك 80 ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة”، وتنفي الرباط عادة اتهامات الجزائر بهذا الشأن.
وتابع: “قطع العلاقات مع المغرب كان بديلا للحرب معه، والوساطة غير ممكنة بيننا”.
وذكر تبون، أنه صفق “للمنتخب المغربي لتشريفه كرة القدم المغاربية والعربية في المونديال الأخير؛ لأن الشعب المغربي أيضا صفق لنا لإحرازنا التاج الأفريقي” في مصر عام 2019.
وخلال الأيام الأخيرة، أشيع في وسائل إعلام دولية، أن ملك الأردن عبد الله الثاني قام خلال زيارته إلى الجزائر مطلع كانون أول/ديسمبر الجاري بوساطة بين الجزائر والرباط، تشمل إعادة تشغيل أنبوب الغاز الذي يصل إلى إسبانيا مرورا بالأراضي المغربية.
وقطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب منذ آب/أغسطس 2021، بسبب ما قالت إنها “أعمال عدائية” من الرباط ضدها، وهو ما نفته الأخيرة.
والحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ عام 1994 بقرار جزائري، بعد أن فرض ملك المغرب السابق، الحسن الثاني، تأشيرة دخول على الجزائريين بعد تفجير بمراكش، وتوجيه أصابع الاتهام للجزائر.
وغاب العاهل المغربي، الملك محمد السادس، عن حضور القمة العربية الأخيرة في الجزائر، في ظل استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية، لكنه دعا تبون إلى زيارة المغرب من أجل الحوار.
جاءت دعوة ملك المغرب على لسان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة.
وأوضح بوريطة أن الملك محمد السادس أعرب عن نيته خلال الأيام الأخيرة في زيارة الجزائر، التي دعي إليها لحضور القمة العربية، لكن الوفد المغربي “لم يتلق أي تأكيد من الجانب الجزائري”.
وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة وصف غياب الملك عن القمة في بلاده، بأنها ربما “فرصة ضائعة”.
وأشار أيضا إلى أن الرئيس تبون كان سيخص العاهل المغربي باستقبال بروتوكولي في المطار، لو حضر إلى الجزائر.
العلاقات الجزائرية الفرنسية
وعلى جانب آخر، وحول إمكانية عودة الهدوء للعلاقات الجزائرية الفرنسية، قال تبون: “على فرنسا أن تتحرر من عقدة المُستعمِر، والجزائر من عقدة المُستَعمَر”.
وشدد على أنه بعد 60 سنة من استقلال بلاده من الاستعمار الفرنسي (1830 /1962)، “يجب المرور إلى مرحلة أخرى، فإذا كانت الذاكرة تشكل جزءا من جيناتنا المشتركة، فإننا نتشارك عدة مصالح أساسية، رغم اختلاف الرؤى حولها”.
وأعلن الرئيس الجزائري عن زيارة مرتقبة له إلى فرنسا خلال العام 2023، التي تعد الأولى له منذ توليه الحكم نهاية العام 2019.
كما دعا الرئيس الجزائري الجانب الفرنسي “إلى تنظيف نفاياتها النووية بمواقع التجارب بتامنراست ورقان، والتكفل بضحايا هذه التجارب في عين المكان”، في إشارة إلى التجارب النووية في الصحراء الجزائرية بين 1960 و1966.
وحول ملف التأشيرات الذي سبب أزمة بين البلدين قال تبون؛ إن “عودة معدل منح التأشيرات الفرنسية للجزائريين إلى سابق عهده يدخل في إطار منطق الأشياء”.
وأضاف: “اتفاقيات إيفيان التي تعود إلى عام 1962، تمنح الخصوصية للجزائريين في هذا الشأن من بين الدول المغاربية، لذا من الأنسب أن يُحترم ذلك”.
وردا على سؤال بشأن تراجع انتشار اللغة الفرنسية في الجزائر قال تبون؛ إن “اللغة الفرنسية لن تُفرض على الجزائريين، والخيار بيد العائلات الجزائرية”.
ونهاية آب/ أغسطس الماضي، توّجت زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر بإعلان مشترك، أعلن بموجبه الجانبان الاتفاق على جملة تفاهمات تخص ملف الذاكرة وماضي الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830-1962)، والتعاون في مجال الأمن والدفاع والسياسية الخارجية والاقتصاد.
وعادة ما تمثل ملفات الحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر مصدرا للتوتر بين البلدين، حيث تطالب الجزائر باعتذار عن جرائم الاستعمار، فيما تقول باريس؛ إنه يجب طي الصفحة والتوجه نحو المستقبل.
المصدر: عربي21