بين المواطن السعودي والغربي: ازدواجية المعايير في الأجهزة الأمنية السعودية
تُعتبر قضية التعامل المزدوج من قِبل السلطات السعودية مع المواطنين المحليين والعرب مقابل المواطنين الأوروبيين والأمريكيين واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة. لقد كشفت المواطنة الأمريكية من أصل سعودي، عبر تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي، عن تناقض واضح وصريح في سلوك الأجهزة الأمنية السعودية، والذي يُظهر تمييزا على أساس الجنسية واللغة. هذه الواقعة تطرح العديد من الأسئلة حول مدى التزام السلطات السعودية بمبادئ العدالة والمساواة في التعامل مع مواطنيها ومع العرب بشكل عام.
وفقا لما ورد في التغريدة، هناك تعليمات مشددة صادرة للأجهزة الأمنية السعودية تُلزمها بحسن التعامل مع المواطنين الأمريكيين والأوروبيين، في حين يتم التعامل مع المواطن السعودي أو العربي بشكل أقل اهتماما. هذه الازدواجية تُبرر بحسب بعض التفسيرات على أنها نتيجة لتفادي ردود فعل دبلوماسية حادة من الدول الغربية، في حين يُنظر إلى المواطن السعودي أو العربي بأنه أضعف ولا يملك القدرة على الضغط أو الحصول على دعم دولي قوي.
العنصرية المبنية على الجنسية واللغة في التعاملات الأمنية ليست جديدة، لكنها تأخذ في السعودية شكلا مؤسسيا متزايدا، وهو ما يجعل الأمر أكثر خطورة. فقد كشف العديد من المواطنين السعوديين والعرب عن تجاربهم الشخصية مع الأجهزة الأمنية التي تبرز فيها هذه الفروقات في التعامل، حيث يُعتقل المواطن السعودي أو العربي لأسباب بسيطة أو يتم التضييق عليه بشكل غير مبرر، بينما يُمنح المواطن الأجنبي، وخاصة الغربي، تسهيلات ومعاملة خاصة.
تُعامل الأجهزة الأمنية السعودية المواطن السعودي وكأنه الحلقة الأضعف في المجتمع، وهو ما يعكس استغلالا واضحا لعدم وجود جهات دولية قوية تدافع عن حقوقه بالشكل نفسه الذي تحظى به الجنسيات الغربية. إن غياب الدعم القوي للمواطن السعودي يجعل من السهل ممارسة الضغوط عليه، سواء من خلال الاعتقال أو السجن أو التضييق على حريته بشكل عام.
إن هذه الازدواجية لا تنحصر فقط في الأجهزة الأمنية، بل تمتد إلى العديد من المجالات الأخرى مثل الخدمات العامة والرعاية الطبية وحتى التعاملات اليومية. المواطن السعودي يُشعر أحيانا وكأنه أقل أهمية في وطنه مقارنة بالأجنبي الذي يُعامل بامتيازات خاصة. هذه المفارقة تعكس مشكلة أعمق في بنية المجتمع السعودي، حيث يبدو أن السلطات تولي اهتماما أكبر للحفاظ على علاقاتها مع الدول الغربية على حساب مواطنيها.
إن قضية المواطنة الأمريكية من أصل سعودي التي كشفت عن هذه التناقضات هي مجرد مثال واحد على مدى تجذر هذه المشكلة في المجتمع السعودي. ولعل ما تحتاجه السعودية في هذه المرحلة هو إعادة النظر في سياساتها تجاه مواطنيها، وضمان معاملة الجميع بعدالة ومساواة، بغض النظر عن جنسياتهم أو لغتهم. الشفافية والمساءلة يجب أن تكون من المبادئ الأساسية التي تُنظم عمل الأجهزة الأمنية، حتى يشعر المواطن السعودي بأنه يُعامل بكرامة واحترام داخل وطنه.
أحمد هيثم