بواعث الاهتمام الإسرائيلي بالسودان
غافل ساذج من ظن او يظن ان إسرائيل بعيدة عن ما يجري في السودان ، اذ انها ظلت تنظر منذ زمن طويل إلى هذا البلد باهتمام كبير وتسعي لتوظيفه في مشروعها واستغلال كل الظروف التي تتاح للوصول إلى هذا الهدف ، وتاريخيا مثلت الخرطوم مركزا تجمع فيها العرب واصطلحوا وشكل مؤتمر القمة العربية 1967 نقطة مهمة في مسيرة الصراع العربي الاسرائيلي وكانت مقررات المؤتمر الذي عرف باسم مؤتمر اللاءات الثلاث بمثابة برنامج يمكن أن يقود العرب إلى خطوات اقوي ضد العدو لذا تم التآمر على الحكومة المنتخبة وحدث انقلاب جعفر نميري 1969، ولما قاطع العرب مصر لاتفاقها مع إسرائيل كان موقف السودان مختلفا إذ مضي مع مصر مؤيدا لها ، وقبل سقوط نميري تم انجاز الصفقة الفضيحة بين النظام المايوي وإسرائيل بترحيل الفلاشا عبر السودان ولعب الملياردير السعودي عدنان خاشقجي دورا في هذه الجريمة مع نائب نميري – عمر محمد طيب – ، وجاءت الفترة الانتقالية ثم حكومة الصادق المهدي المنتخبة ورئيسها صاحب مواقف معروفة من إسرائيل إلى أن تم انقلاب الإنقاذ الذي كان في البداية ثوريا مناصرا لقضايا التحرر داعما لحركات المقاومة ثم انقلب الرئيس البشير ونظامه على محور الممانعة وخاض الحرب ضد اليمنيين وفي اخريات أيامه كانت له علاقة بشكل او اخر مع إسرائيل خاصة عبر وسطاء إلى أن اطيح به وظهر كل شي إلى السطح والتقي البرهان نتنياهو في عنتيبي وزارت الوفود العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية فلسطين المحتلة ووقعت الحكومة عبر وزير العدل نصر الدين عبد الباري على ما عرف بالاتفاق الإبراهيمي وهو الاسم الاخر للتطبيع ، وخلال هذه الفترة احتفظ الدعم السريع بعلاقات مميزة مع كيان العدو بل سعي إلى تطويرها إلى أن وقعت هذه الحرب ولا ينكر اطرافها علاقتهم باسرائيل.
ونعلم جميعنا ان دويلة الاحتلال تتحدث عن ان حدودها من النيل إلى الفرات، ونهر النيل الذي يبدا من الخرطوم باقتران النيلين الأزرق والأبيض ويتدفق نحو الشمال باتجاه مصر له مكانة خاصة في المنظور الاستراتيجي الصهيوني شأنه شأن الفرات. وقد صممت دولة العدو علمها ليعكس أهمية النهرين من منظورها الاستراتيجي، ورمزت لهما بخطين أزرقين في أعلى وأسفل العلم، بينهما نجمة داوود، في تكامل بين الديني والاستراتيجي.
ويحظى السودان كذلك باهتمام خاص من بعض الجماعات الدينية الإسرائيلية التي ترى أن أجزاء واسعة من السودان هي جزء من جغرافيا حياة نبي الله موسى، وبشكل خاص مولده وإلقاؤه في اليم والتقاطه جنوب مصر ولقاؤه الرجل الصالح في مقرن النيلين الأزرق والأبيض (على ما يرجح بعض الباحثين) ، والصخرة العظيمة التي تدل على موقع هذا اللقاء، والتي يقول اليهود بوجوب زيارتها وان ذلك شعيرة دينية ( والقول انها في جزيرة توتي الحالية في قلب الخرطوم على مقربة من القصر الرئاسي ) ، فضلاً عن اهتمام هذه الجماعات بمنطقة شرق السودان، والتي تعتقد أن نبي الله موسى كلم الله في بعض جبالها (علماً بأن الجماعات اليهودية لا تجتمع على هذا الرأي، كما أن غالبية المسلمين لا يوافقونه).
وقد شاعـت أنباء عن عمليات قطع طالت جبلاً في هذه الولاية منذ حقبة حكم الرئيس نميري، واستمرت حتى بداية الألفية الجديدة، وتم تصدير حجارته إلى دولة أوروبية. ومن تلك الحجارة، تم قطع وتجهيز مكونات هيكل سليمان البديل، وتم ترحيل هذه القطع إلى داخل فلسطين، لأن الأحكام التي استنبطها الحاخامات تقتضي بناء الهيكل من حجارة مباركة وفق الأحكام التوراتية.
وبغض النظر عن مدي دقة هذا الكلام من عدمه وهل هو صحيح ام اوهام فانه يوضح وجود اهتمام إسرائيلي على مستويات شعبية ورسمية بالسودان.
سليمان منصور