من المعروف ان أمريكا سعت بشدة وأكثر من مرة الى دفع أوكرانيا دفعا إلى استفزاز روسيا وجرها إلى الحرب ، كما حاولت بمعية الغرب من قبل استفزاز روسيا بمشكلة شبه جزيرة القرم ، وفعلا وصلت الأمور بين روسيا واوكرانيا إلى حد المواجهة العسكرية ، ووقعت الحرب ومازالت أحداثها تجرى للان ، ولم يقتصر تأثيرها على أطرافها المباشرة فحسب ، (موسكو وكييف ) ، والجوار القريب ، الذى سيتاثر مباشرة بقضية اللاجئين ، ومايترتب عليها من ازمات ، نقول ان الحرب فى أوكرانيا قد ألقت بظلالها على كل العالم ، ولم تبق منطقة لم تتاثر بها سلبا ، وان تفاوتت درجات التأثر ، وهاهى الحرب تدخل منعطفات جديدة شديدة الدقة والحرج ، والناس فى العالم اجمع تترقب نتائج واثار مايجرى.
وفى هذه الجو المطرب ، والظروف بالغة التعقيد ، والخوف من تطورات سالبة أخرى ، هاهى أمريكا وعلى طريقتها فى التحرش بمنافسيها ، ومحاولة استفزازهم ودفعهم إلى التورط فى حرب يراد لها أن تستنزفهم ، كما جرى لروسيا ، سواء فى حرب أفغانستان فى القرن المنصرم ، او فى الحرب الحالية فى أوكرانيا ، وقبلها شبه جزيرة القرم ، هاهى أمريكا تستفز الصين وتسعى لاستنزافها باستدراجها للدخول فى حرب لايعرف احد كيف ومتى تنتهى ، وهذا ماوصل إلى قمته مؤخرا بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى إلى تايوان ، الأمر الذى اعتبرته بكين ابتزازا غير مسبوق ، وعدوانا امريكيا لايمكن أن يسكت عليه ، ونبهت الصين انها تدرك جيدا نية واشنطون إستنساخ تجربة أوكرانيا ، وتعهدت بافشال الخطط الأمريكية هذه ، مع توعدها بتدفيع واشنطن ثمن أخطائها الفادحة.
أمريكا فى تحرشها بالصين عمدت إلى دفع حلفائها لتبنى مواجهة ماتقنعهم بأنه يشكل خطرا على الحريات التى يدعى الغرب الدفاع عنها وتوصيف الصين بالخطر على الحريات والديمقراطية
ومن خلال الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى شرق آسيا، هدفت الولايات المتحدة إلى استفزاز الصين، من خلال إصرارها على زيارة تايوان، وإعلانها السعي لتعزيز القيم والمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وتايوان وبعض دول شرق آسيا، بما يمكن ترجمته كمحاولة لتشجيع تايوان على السير في خطوات تثير حفيظة الصين، وتدفعها إلى رد فعل يخدم الهدف المحوري الأميركي المتمثل بإشغالها، بما قد يفرمل اندفاعتها العالمية.
ولكن رد الفعل الصيني والتايواني لم يكن متوافقاً مع التقديرات الأميركية، إذ تختلف الظروف المحيطة بالصين وتايوان اختلافاً جذرياً عن تلك المرتبطة بروسيا وأوكرانيا؛ فالجانب التايواني، المحكوم بانعدام القدرة على موازنة القوة الصينية، والمرتكز على شيء من الواقعية السياسية المتفهّمة لنهائية القرار الصيني باستعادة تايوان ، سيجانب أيّ خيار قد يدفع نحو قرار صيني ينهي أيّ إمكانية لحلٍّ سلمي لقضية هذه الجزيرة المتمردة.
سليمان منصور