حذّر عضو المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بابكر فيصل في حوار “سودان تايمز” معه، من المنزلق الذي تتجه البلاد نحوه بسبب استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، معدداً المتغيرات السالبة التي طرأت بالحرب، إلى ذلك كشف فيصل عن حقيقة إتصالاتهم مع قيادة طرفي الحرب، متطرقاً للجهود المبذولة لأجل وقف الحرب وتوسيع تنسيقية “تقدم”، مشيراً إلى تواصلهم مع عدة أطراف محلية داخل وخارج “تقدم”، وأخرى إقليمية ودولية..
أديس أبابا : أحمد خليل
أين يكمن الخلل الذي أوصل الأزمة السودانية للوضع الحالي..؟
من الواضح وجود مساعي مبذولة من النظام السابق لافشال المرحلة الإنتقالية منذ سقوط البشير، وإتخذت أشكال عديدة كالحديث عن قوى الثورة وشيطنتها وخنق الاقتصاد، ثم الإنقلاب العسكري في 25 إكتوبر الذي أخذ عاماً كاملاً من رفض الشعب السوداني له الأمر الذي جعل القيادة العسكرية، ترضخ لإرادة الشعب وأسفر ذلك عن الإتفاق الإطاري، وعندما رأوا أنه سيمضي بالبلاد نحو التحول الديمقراطي مرة أخرى استخدموا الكارت الأخير وهو الحرب وهم من يصرون الآن على استمرارها إلى مالا نهاية.
من خلال وجودك بمركزية الحرية والتغيير وعلاقتك المباشرة مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان.. كيف تقيّم مسعاه للسلام؟
لدينا لجنة إتصال بالحرية والتغيير مكونة من “5” أشخاص ولقد كنت جزء من هذه اللجنة وكان لدينا تواصل مع قيادة الجيش ممثلة في الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق شمس الدين الكباشي وعدد آخر واستطعنا أن نحل عدد من المشاكل، وفي تقديري لا يوجد حل أمام قيادة الجيش وقيادة الدعم السريع إلا أن يرضخوا لإرادة الشعب وأن يمضوا بإتجاه وقف إطلاق النار فالحرب دخلت الآن في مرحلة خطيرة، وأصبح التدخل الخارجي واضحاً، وهنالك انقسامات وأيضاً أيادي إجرام وجماعات متطرفة، وهذا يجعل البلاد في منزلق خطير، وهنالك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق قيادة الجيش وعلى رأسه البرهان، وأيضا على قيادة الدعم السريع وعلى رأسها حميدتي، وأن يجنبوا البلاد مزيد من التفكيك والانقسام بالمرحلة القادمة.. لذلك نحن في الحرية والتغيير من قبل وفي “تقدم” من بعد رفعنا شعار لا للحرب سعينا بكل مانملك في إطار لجنة الإتصال السياسي والعمل الجماهيري والقاعدي لوقف الحرب بأي ثمن.
هل فشل المدنيين أدى إلى نشوب هذه الحرب..؟
المدنيين لا يحملون سلاحاً وعملهم سياسي سلمي ولو تابعنا مسيرة البلاد قبل إنقلاب 25 أكتوبر الحكومة الثانية الانتقالية كانت قد حققت استقرار لأكثر من ست أشهر، الاقتصاد بدأ في التعافي وتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الاحتياطي بلغ مليار وسبعمائة مليون دولار في البنك المركزي، واستقرار سعر العملة، بالفعل كان قد تم وضع البلاد في المسار الصحيح، وبعده كان متوقف تدفق أموال من المؤسسات المالية من الدول الصديقة وغيرها، في فترة وجيزة جداً تم إحداث هذه التغييرات، الحرية والتغيير تحملت مسؤولية أي تقصير، وتقدمت بمذكرة نقد مكونة من مئة صفحة انتقدت السلبيات و أوضحت الإيجابيات، وهذا كان بمثابة تقليد حديث في السياسة السودانية.. جهة لم تحكم أكثر من “13” شهراً فعلت هذا الشيء بينما الإنقاذ حكمت ثلاثين عاماً ولم يكتبوا سطراً واحداً في انتقاد تجربتهم، وبالتالي لا يمكن تحميل المدنيين وزر الإنقلاب ولا وزر الحرب لجهة أن جميع مساعي المدنيين كانت في إتجاه تجنيب البلاد المصير الذي وصلت إليه حالياً.
التناقض في خطابات قادة الجيش،، كيف تقرأه..؟
بالنسبة إلينا أي إنسان وطني عاقل لا يمكن أن يؤيد أي نوع من انواع الانقسام داخل قيادة الجيش لجهة هذا سيؤدي إلى مفاقمة الأزمة والوضع الذي بدأ في التفاهم من قبل، مهم جداً أن يظل الجيش متماسك بقيادته وسيطرته وكذلك مهم أن تكون قيادة الدعم السريع متماسكة ولا تتقسم إلى مناطق وقيادات ميدانية وغيره، ولدينا تجربة سابقة في أزمة دارفور حيث بدأت حركة وحركتين وأصبحت “60” حركة، وهذا التقسييم كان بفعل النظام السابق وزاد من حجم المشكلة، والسودان الآن ليس بحاجة إلى مزيد من تقسييم المؤسسات العسكرية، وهذا كان سبباً أساسياً من أسباب الحرب الدائرة الآن، ونحن مع تماسك و وحدة الجيش وتماسك و وحدة الدعم السريع من أجل أن تجلس القيادتين لوقف إطلاق النار ومن ثم نشرع في العملية السياسية حيث سيكون الجِند الأول بها هو جند الجيش القومي المهني الواحد.
ماهي سيناريوهات وقف الحرب؟
الحرب الآن ستدخل عامها الثاني وكلما مر الوقت كلما ازداد الوضع تعقيداً كالتدخل الخارجي والانقسام والإرهاب والتطرف، وهذا يؤثر في الإقليم ويؤثر حتى على السياسة الدولية لموقع السودان في منطقة البحر الأحمر، وتفكك السودان وانقسامه سيؤدي إلى نتائج كارثية دولياً وإقليمياً فبالتالي لا يوجد لدينا خيار أو رفاهية غير أن نوقف هذه الحرب بأي طريقة، هنالك بالطبع أطراف تؤجج في نيران الحرب لخدمة أجندة شخصية أحياناً وحزبية أحياناً أخرى، وأيضاً لخدمة أجندة قبلية، كل هذا سيصب في إتجاه تفكيك البلاد ونحن نعمل بكل جد واجتهاد ونواصل كقوى مدنية إيقاف الحرب، نحن لا نحمل السلاح لكن لدينا الكلمة والتواصل السياسي و الدبلوماسي ولدينا العامل الجماهيري القاعدي و أولوياتنا كانت اغاثة المتضررين من الحرب وكيفية توصيل المساعدات وكانت جند أساسي في كل حواراتنا الإقليمية والدولية ومع الطرفين المتحاربين وإلى الآن مازال تواصلنا مع الطرفين بحيث أنه لابد من الإسراع في استئناف ملف التفاوض الذي قطع وإكمال ماتم التوصل إليه وتبقت اشياء بسيطة تحتاج إلى إرادة حقيقية من الطرفين، وإذا توفرت هذه النواقص اعتقد انه يمكن الوصول إلى وقف إطلاق نار.
هل لدي “تقدم” تواصل مع البرهان..؟
لدينا لجنة تعمل بالتواصل مع الطرفين و كذلك رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية د. عبد الله حمدوك متواصل بصورة مباشرة مع قيادة الجيش وقيادة الدعم السريع.
هل بإمكان “تقدم” طرح حلول لوقف الحرب..؟
نعم لقد تقدمنا بخارطة طريق تحتوي على مباديء وطرحناها على كافة القوى السياسية داخل تقدم وخارجه وقدمناها للطرفين المتحاربين، وكذلك قدمناها للمجتمع الإقليمي والدولي، وأعتقد أن إعلان المباديء وخارطة طريق بها أساس يمكن أن يؤدي إلى حل، عموما وكما اسلفت نحن قوى مدنية لا تحمل السلاح ولا تحارب وفقط تسعى للحل والأخير بيد الطرفين الذين يحملان السلاح وبارادتهم لوقف الحرب.
هل ستعملون على توسيع “تقدم” وضم قوى أخرى..؟
مؤكد، الآن فتحنا حوار مع حزب البعث الأصل والحزب الشيوعي وتواصلنا مع حركتي الحلو وعبد الواحد ومع عدد من الأطراف المدنية الأخرى التي قدمت طلبات الإنضمام لتقدم، واجتماع الهيئة القيادية ناقش هذا الأمر وبإذن الله المؤتمر التأسيسي سيشهد أطراف إضافية وحتى الذين لم نتمكن من اقناعهم بالعمل معنا سوياً يمكن أن ننسق معهم في الحدود الدنيا التي تسمح أن نوحد جهودنا كمدنيين لوقف إطلاق النار والدخول في مرحلة العمل السياسي.
المصدر: سودان تايمز