اوروبا تتازم اقتصاديا..أسبانيا نموذجا
لا يمر يوم الا ويكتشف الاوروبيون خطأ حكوماتهم بالسير خلف الولايات المتحدة فى مشاريعها ، وتتفيذ رغباتها وان عارضت مصلحة الشعوب الأوروبية.
وقد التفتت الشعوب الاوروبية إلى أخطاء الانجرار وراء أمريكا فى فرض العقوبات على روسيا ، والاصطفاف التام مع أمريكا ، علما بأن الأخيرة تسعى لحسم قضايها الخاصة مع روسيا ، وتجند الاوروبيين للوصول إلى غاياتها والإصرار على المضى فى هذا الطريق الذى ليس فقط لا يتوافق مع مصالح الشعوب بل تتضرر منه كثيرا ، وتعيش الضيق من أثار هذه المواقف.
قررت أمريكا وتبعها الاوروبيون حصار روسيا اقتصاديا ، ولم يدر بخلدهم ان النتائج ستكون عكسية ، ويعانى الاوروبيون من حصارهم لروسيا ، فقد قامت الأخيرة ببعض الإجراءات العقابية على خصومها ، وكان بيد روسيا سلاح قوى لاقبل لهم به ، وهو التحكم فى امدادات الطاقة ، فاعتبارها المغذى الأكبر للاوروبيين بالطاقة فقد وجهت روسيا ضربة قاضية لهم ، وهى تفرض عليهم اولا سداد ماعليهم بالروبل ، وهو الأمر الذى جعل العملة الوطنية الروسية فى وضع قوى ، وأفقد الدولار هيمنته ، وهذا بلا شك يخفف جدا من أثر العقوبات الاقتصادية الأمريكية بشكل خاص والغربية بشكل عام ان لم يفقدها التاثير الذى كان الغربيون يؤملون فيه.
ومن النماذج على التأثر السالب للاوروبيين بالحرب الروسية الأوكرانيّة ما تشهده أسبانيا هذه الأيام من صعوبات على أكثر من صعيد ، فعلاوة على مشاكل الوقود والحرج الذى يستشعره الاسبان من اقتراب دخول فصل الشتاء حيث تتضاعف الحاجة إلى الغاز ومع المشاكل الحالية فى قطاع الطاقة فان هناك مشكلة أخرى باتت واضحة وهى انتشار الفقر الذى منع كثير من العوائل فى أسبانيا من توفير وجبات كاملة مما اضطرهم للبحث عن داعمين ، فذهب المئات يصطفون فى طوابير طويلة أمام بنك الطعام الذى يوزع اعانات للطبقات التى تعجز عن توفير كامل احتياجاتها من الضروريات بعد ان اقتصر الاهتمام على الضرورى ولم يعد هناك مجال للبحث عن الكماليات والرفاهيات ، وبات ملاحظا طوابير المنتظرين فى مدريد لما تيسر ويمكن ان يجود به بنك الطعام عليهم ، وهذا حال مئات المواطنين الساعين لتوفير قوت يومهم فى ظل الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد فى أوروبا بشكل عام وإسبانيا على وجه الخصوص مما جعل الفقر اقرب للظاهرة منه إلى الحالات الفردية فى البلد ، ويتحدث كل الاسبان عن الأثر السالب للحرب فى أوكرانيا عليهم.
احد المسؤولين فى بنك الطعام قال نرى المزيد والمزيد من العائلات الصغيرة تاتى إلى هنا فهم يعملون لكن دخولهم لاتغطى نفقاتهم ، وعندنا عدد من الأشخاص كانوا قد غادروا قوائم الانتظار فى بنك الطعام لحصولهم على عمل لكنهم عادوا وطلبوا ادراجهم من جديد فى قوائم البنك ليحظوا بما تيسر باعتبار ان ما يحصلون عليه من دخل لا يكفيهم لتغطية جزء من احتياجاتهم لا كلها ،
وفى ظل الضائقة المعيشية التى تكاد تاخذ بخناق الاسبان فإنه لا سبيل أمام الكثيرين الا الانضمام الى صف المنتظرين عطايا البنك فى ظل ارتفاع تكاليف السكن والغذاء والنقل.
إحدى المواطنات قالت ان شراء الطعام أصبح مكلفا جدا وغير محتمل وقالت كنت اذهب الى السوبر ماركت بخمسين يورو واشترى الكثير كما احتاجه اما الان فبخمسين يورو لا يمكنك شراء اى شيئ ، مواطن اخر قال إن مدخولى الشهرى لايكفى وزوجتى لاتعمل ولن تستطيع تغطية بعض احتياجاتنا ، وليس كلها الا بالوقوف فى صف بنك الطعام واستلام الإعانة التى يقدمونها.
فى المقابل فان بنوك للطعام تكافح هى نفسها من أجل تخزين الاطعمة
مع تضاؤل التبرعات لان المانحين أنفسهم لم يعد لديهم فائض للتنازل عنه.
هذه بعض اثار المعاناة التى يعيشها الأسبان ويدفعون الان ثمن أخطاء حكومتهم.
سليمان منصور