أخبار السودان :
اهمية مراعاة تعقيدات الحرب وحلها
بسيط وساذج ذلك الذي يظن ان مايدور في السودان من حرب شرسة ومدمرة هي مجرد خلاف حول الانتقال الديموقراطي والتحول للحكم المدني ، ويقول مناصرو الدعم السريع ان الاسلاميين سعوا الى عمل اي شي للعودة للحكم ، ولما اعيتهم الحيل لجأوا الى إشعال الحرب رغم كلفتها الباهظة ليحققوا هدفهم باستعادة الحكم لكن الدعم السريع – الداعم للتحول المدني الديموقراطي كما يدعي – عمل على قطع الطريق على الاسلاميين للعودة الى الحكم ، وكان هذا احد اسباب استماتة الإسلاميين في محاربته ، وبذل كل ما يمكنهم لهزيمته وازاحته من المشهد بشكل كامل لو استطاعوا ، ومهما كلفهم ذلك من تضحيات وخراب وتدمير للبلد ، هذه الرؤية رغم تبني الكثيرين لها الا انها واضحة السذاجة ، وغافل ذلك الذي لاينتبه الى ان الدعم السريع وقيادة الجيش والاسلاميين ، جميعهم أدوات يتم توظيفهم من لاعبين كبار ، ويتحركون وفقا لما تقتضيه مصالحهم ، ويحققون به غاياتهم ، فيجد كل طرف فاعل في هذه الحرب ، يجد نفسه ماضيا في مسار يخدم به قصيته ، وهو في الحقيقة ينفذ – من حيث يدري او لايدري – اجندة الكبار ، لذا فان الانتباه لتعقيدات هذه الحرب الناشئة من تداخل وتعقيدات هذه المنطقة مهم جدا لفهم الحال وقراءة المشهد من كل زواياه.
وهناك عوامل مهمة تسهم في فهم المشهد ، وهي مقدمة لازمة لتشخيص سليم يقود الى وصفة صحيحة للعلاج ، والا فسوف نظل نتخبط من طريق الى طريق دون الوصول الى الداء الحقيقي لنتمكن من علاجه ، هذا هو الطريق المهم الذي يفضي بنا الي الخطوات المفيدة وتوصلنا الى الهدف
كتبنا من قبل عن مشاكل اساسية تواجه المجتمع ، هذه القضايا كانت موجودة قبل الحرب ، ويري البعض انها ربما كانت من الاسباب التي ادت مع غيرها الى احتقان انفجر يوما فاشعل الحرب ، وهذه القضايا بكل اسف تعمقت اثناء الحرب ، ونخشي جدا من توسع دائرتها بعد الحرب ، وهي انفصام وشائج التواصل الاجتماعي ، واطلال القبلية بقوة ، وما يمكن ان يترتب على ذلك ، فبعض التصرفات الغير مسؤولة تزيد من الاحتقان الشعبي ، اذ كيف نفهم ان تتم معاداة ابناء القبائل العربية في دارفور من قبل قطاعات واسعة من إخوانهم ابناء القبائل الاخري ، وبالذات اولئك الذين سكنوا وجاوروا بعضا في الخرطوم ، اذ اصبح كثيرون ينظرون الى جيرانهم واخوانهم من ابناء القبائل التي ينحدر منها المقاتلون في الدعم السريع ينظرون اليهم كخونة معتدين ، ولا يتقبلون نفسيا ان يرجعوا جيرانا ، ونفس الشي موجود عند الطرف المقابل ، فانسان الشمال بما هو شمالى عند قطاع كبير من ابناء دارفور هو مفتر ظالم مستأثر بخيرات البلد دون الآخرين ، يحظي بامتيازات يجب ان تعم الجميع وبالتساوي ، لذا فهو جزء من تركيبة ظالمة يجب ان يتم تغييرها ، ولو اقتضي الامر هذه الحرب المدمرة ، وهذا المفهوم كفيل بزراعة الفرقة بين ابناء الوطن ، واحساسهم بالغبن الشديد تجاه بعضهم بعضا ، لذا يلزم معرفة هذه المشاكل وحلها تمهيدا لحل مشاكل البلد.
سليمان منصور