امريكا تربك الساحة الباكستانية
اختار مجلس النواب الباكستانى شهباز شريف رئيسا للوزراء خلفا لعمران خان الذى سحب عنه ذات المجلس الشرعية واقاله قبل أيام فى واحدة من صور التدخل الأمريكى السافر فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى كما دأبت امريكا دائما ، الرئيس شهباز ينتمى لحزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف .وأتى شهباز لرئاسة الوزارة من ولاية البنجاب التى حكمها طويلا ، وتنتظره ملفات قديمة وجديدة ، وتحديات داخلية وخارجية معقدة ، ومن المعروف أن حزب الرابطة الإسلامية حزب عريق حكم باكستان ثلاث مرات ولن يجد صعوبة كما يقول البعض فى إدارة البلد ، لكن لا بد من الانتباه إلى التحدى الاكبر الذى ينتظر شهباز فالى جانب الوضع الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فى البلد والتوتر على الحدود مع أفغانستان وانتشار الإرهابيين فى تلك البقعةوتعقيدات الوضع الأفغانى ، إلى جانب هذه القضايا فان تحديات أخرى تواجه الرئيس ، و تتمثل اهمها فى العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية مع روسيا والصين وايران ، وهى الملفات الرئيسية التى شكلت نقاط الخلاف مع الإدارة الأمريكية فى ظل حكم السيد عمران خان – المنتمى الى حزب انصاف – ، إضافة إلى المواقف القوية والمشرفة لعمران خان من القضية الفلسطينية ومناصرته للقدس وخروجه عن بيت الطاعة الأمريكى الذى اريد لباكستان أن تبقى فيه وذلك بإيقافه مشاريع التطبيع مع العدو الصهيونى التى كانت تعد لبلده خاصة مع مضى الهند (الخصم اللدود لباكستان) فى طريق إقامة علاقات قوية ومتميزة مع العدو الصهيونى ، ولايمكن أن يتحدث الإنسان عن السياسة الخارجية الباكستانية فى عهد عمران خان دون التوقف عند رأيه الصريح بل شجاعته ونبله وهو يعترض بشده على الحرب فى اليمن واتخاذه خطوات عملية فى هذا الجانب .
ومن المعروف أن باكستان اتخذت موقفاً واضحاً من العلاقات مع روسيا والصين وإيران ، رافضة الضغط الأمريكى ، متمسكة باستقلاليتها وحقها فى اختيار الموقف الذى تريده ، وبعد خروج القوات الأمريكية من أفغانستان ارادت الإدارة الأمريكية أن تحتوى اسلام باد وتجعلها تمضى حسب إرادة واشنطون وهذا ما اعترض عليه عمران خان الذى قال إنه سيعمل على أن تكون سياسة بلاده متوازنة وغير منحازة ، وتفجرت الأزمة الأوكرانية ورفض عمران خان التوجيهات الامريكية بالانخراط ضمن المنظومة الغربية المناوئة لموسكو وهو ما جعل امريكا تتخلى عن كل حديثها عن الالتزام بالديموقراطية واحترام خيارات الشعوب وقادت انقلابا ابيض فى باكستان نتج عنه إقالة عمران خان والمجيئ برئيس وزراء عرف حزبه بعلاقته الوثيقة بالسعودية وهذا يكفى لبيان ملامح السياسة الخارجية الباكستانية خاصة فى الملفات التى شكلت نقاط الخلاف بين باكستان وامريكا .
ان رئيس الوزراء الباكستاني الجديد السيد شهباز شريف مواجه بقضايا حيوية لابد أن يعالجها بطريقة ترضى عنه الشارع فى بلاده والا فلن يتمكن
من إدارة البلاد فى جو مستقر وهادئ ، خاصة فى ظل الوضع الاقتصادى الذى يعيشه الشعب الباكستاني ، وهو امر يحتاج إلى علاج ينهى هذه الأزمة ، وكان سلفه عمران خان قد خطى خطوات فى هذا الجانب اعتبرها الكثيرون جزء من الخلاف مع أمريكا والغرب خاصة الانفتاح الاقتصادى الكبير على روسيا وإيران ، وقد شهدت الأشهر الماضية افتتاح خط سكة حديد وتسيير القطارات بين باكستان وإيران الأمر الذى رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين ، وجعل الظروف مهيأة لتطوير التجارة إلى إضعاف ماهى عليه الآن ، إضافة إلى رفض الانخراط في العقوبات الاقتصادية على الصين وروسيا وإيران ، ولن يستطيع شهباز سلوك مسلك عمران واغضاب امريكا ، ومن المنتظر أن يواجه شهباز معارضة قوية من أنصار حزب انصاف الذى ينتمى اليه رئيس الوزراء السابق ، وهذا مايجعل السياسة الباكستانية موعودة بهزات ومواجهات لا يدرى أحد الى ابن تقود البلد.
بقلم :سليمان منصور