الوضع الزراعي في ولاية سنار وتأثير سيطرة قوات الدعم السريع
تشهد ولاية سنار في جنوب شرق السودان واحدة من أشد الأزمات الزراعية في تاريخها الحديث نتيجة سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطق الولاية. هذه السيطرة تسببت في شلل شبه كامل في النشاط الزراعي خلال الموسم الصيفي الحالي، وهو ما يهدد بحدوث كارثة غذائية غير مسبوقة في المنطقة.
سيطرة قوات الدعم السريع وتوسع النفوذ
منذ سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة جبل موية في 24 يونيو، اتسع نطاق نفوذها ليشمل مناطق واسعة من ولاية سنار، منها سنجة، الدندر، الدالي، المزموم، كركوج، والسوكي. هذا التوسع في السيطرة لم يكن عسكريًا فقط، بل امتد إلى جميع جوانب الحياة اليومية، مما ألقى بظلاله على النشاط الزراعي في الولاية التي تُعتبر من أكبر المناطق الزراعية في السودان.
عمليات النهب الواسعة وتأثيرها على الزراعة
رافق توسع قوات الدعم السريع في سنار عمليات نهب واسعة النطاق للآليات الزراعية والبذور، مما أدى إلى توقف كامل للموسم الزراعي الصيفي. هذه العمليات لم تقتصر على نهب المعدات فحسب، بل شملت أيضًا البذور والأسمدة، وهي المدخلات الضرورية التي كان من المقرر استخدامها في زراعة ملايين الأفدنة من المحاصيل المختلفة. وبحسب مدير عام وزارة الزراعة بولاية سنار، الهادي الصادق، فإن خطط زراعة ثلاثة ملايين فدان تعطلت تمامًا بسبب هذه الاعتداءات، رغم توفر كافة المدخلات الزراعية اللازمة لنجاح الموسم.
تعطيل الخطط الزراعية وأزمة غذائية متوقعة
توقف النشاط الزراعي في ولاية سنار ليس مجرد خسارة اقتصادية، بل يهدد بتفاقم أزمة غذائية حادة. فولاية سنار كانت تعتمد على زراعة محاصيل رئيسية مثل الذرة الرفيعة، الدخن، السمسم، الفول السوداني، والقطن، التي توفر الغذاء للولاية والمناطق المجاورة. توقف هذه الأنشطة الزراعية يثير مخاوف جدية من نقص حاد في المواد الغذائية، وارتفاع حاد في الأسعار، مما يزيد من معاناة السكان المحليين الذين يعانون بالفعل من ظروف إنسانية صعبة نتيجة الحرب والنزاعات.
نهب ممنهج للقطاع الزراعي
لم تكن عمليات النهب التي قامت بها قوات الدعم السريع عشوائية، بل وُصفت بأنها ممنهجة، حيث استهدفت بشكل مباشر القطاع الزراعي في الولاية. في محلية الدندر وحدها، تم تسجيل نهب حوالي 200 تراكتور زراعي، بالإضافة إلى كميات كبيرة من البذور والأسمدة من مخازن المزارعين. هذا النهب الممنهج أدى إلى توقف تام للنشاط الزراعي في معظم مناطق الولاية، بما في ذلك الزراعة الاكتفائية والزراعة التجارية، ما يفاقم الأزمة الغذائية المتوقعة.
خسارة فادحة في جبل موية
منطقة جبل موية، التي تعتبر من أكثر المناطق خصوبة في ولاية سنار، شهدت خسارة فادحة بسبب توقف النشاط الزراعي. هذه المنطقة معروفة بقدرتها العالية على إنتاج محاصيل أساسية مثل الذرة الرفيعة والسمسم، وكانت تشكل ركيزة أساسية للأمن الغذائي في المنطقة. توقف الزراعة في جبل موية يهدد بحدوث نقص حاد في هذه المحاصيل، ما يزيد من حدة الأزمة الغذائية.
تأثير انعدام الأمن وصعوبة التواصل
تفاقم الوضع في ولاية سنار نتيجة لانعدام الأمن وصعوبة التواصل، مما جعل من الصعب الحصول على إحصاءات دقيقة حول حجم الخسائر التي تعرضت لها المنطقة. هذا الانعدام للأمن يؤثر بشكل مباشر على قدرة الحكومة المحلية والمنظمات الإنسانية على تقييم الوضع وتقديم المساعدة اللازمة، مما يزيد من صعوبة إدارة الأزمة.
خاتمة
تعيش ولاية سنار في وضع حرج نتيجة السيطرة المتزايدة لقوات الدعم السريع، وما صاحبها من عمليات نهب واسعة النطاق للقطاع الزراعي. هذا الوضع لا يهدد فقط الاقتصاد المحلي، بل ينذر بكارثة إنسانية وشيكة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لاحتواء الأزمة واستعادة النشاط الزراعي في المنطقة. مع استمرار النزاع وغياب الحلول، يظل الوضع مفتوحًا على احتمالات أكثر سوءًا، وهو ما يتطلب استجابة فورية من المجتمع الدولي والجهات المعنية.