*يبدو ان اثيوبيا عازمة على تحويل النيل الازرق الى بحيرة اثيوبية،رغم انف القانون الدولي وحقوق الشعب السوداني،كما سبق وقال وزير الخارجية الإثيوبي (غدو أندارغاشيو) في تغريدة العام الماضي احتفالا بالملء الاول للسد: (النهر أصبح بحيرة .. النيل لنا) … تخيلوا هذا الاستفزاز (النهر أصبح بحيرة)، وهو ما تفاعل معه الشعب الإثيوبي بآلاف التعليقات الاستفزازية ضد السودان ومصر!
*لا اقول ذلك كرد فعل لتعليقات او تغريدة من مسؤول معجب بإنجاز دولته، وإنما لوقائع حقيقية وتصرفات اثيوبية تعكس كلها الرغبة الاثيوبية المستفزة في تحويل النيل الازرق الى بحيرة اثيوبية يكون لإثيوبيا مطلق التصرف فيها، وما يتبقى من ماء تفتح له اثيوبيا الطريق للعبور الى السودان ومصر، ليس رأفة بهما وإنما لحاجتها الى مصرف او مقلب قمامة تلقى فيه ما يفيض عن حاجتها!
*الوقائع والتصرفات كثيرة، وكمثال فقط فلقد اعلنت اثيوبيا في فبراير 2011 عن عزمها إنشاء سد على النيل الازرق ووضعت له حجر الاساس في الثاني من ابريل من نفس العام بدون موافقة مصر والسودان، او حتى إخطارهما بشكل رسمي وهو ما يفرضه (القانون الدولي للمياه عابرة الحدود)، مستغلةً عدم الاستقرار السياسي في مصر آنذاك، وخنوع النظام البائد، وعندما طلبت مصر لاحقا الاطلاع على خرائط وتصميمات السد لتهدئة المخاوف التي ثارت حوله رفضت اثيوبيا الطلب المصري إلا إذا اعلنت مصر إلغاء اتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان!
*وكان ما كان بعد ذلك من مشاكسات حينا، ومفاوضات حينا آخر الى ان اتفقت الدول الثلاث على اعلان المبادئ في عام 2015 تضمن عشرة مبادئ من ضمنها التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، مبدأ بناء الثقة، مبدأ تبادل المعلومات والبيانات، مبدأ أمان السد، مبدأ احترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، ومبدأ الحل السلمي للنزاعات، فضلًا عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.
*إعتقد الجميع أن اتفاق اعلان المبادئ سيقود الى اتفاق نهائي يضمن حقوق الدول الثلاث ويضع حدا للخلاف وينهى الازمة، إلا أن اثيوبيا ظلت تعاند وتتمسك بخطتها لملء السد وكميات المياه التي تنوي تخزينها في المراحل المختلفة الأمر الذي لم توافق عليه مصر والسودان لأنه سيؤدى الى تقليص كميه المياه التي تصلهما بشكل مفاجئ وكبير ويضر بأمنهما المائي ومياه الشرب والزراعة ..إلخ، ولكن ظلت اثيوبيا تصر على موقفها وانتهاج سياسة فرض الأمر الواقع باعتبار ان السد أصبح امرا واقعا ولا يمكن لأحد أن يمسه او يغير فيه شيئا، واصبحت ترفض كل انواع الوساطة الساعية لتقريب وجهات النظر، ومن بينها الوساطة الامريكية في عام 2019 !
*بل فعلت أخطر من ذلك عندما قامت في يوليو من العام الماضيبالملء الاول لخزان السد بمعزل عن الدولتين وحجز حوالى (5 مليار متر مكعب) وعرضت امن السودان الى الخطر بتوقف بعض محطات المياه في السودان، ولولا الفيضان لعانى السودانيون من العطش، مخالفةً بذلك اتفاق اعلان المبادئ الذى وقعت عليه في عام 2015 ، والذى يمنع الملء الاول لخزان السد بدون تعاون الدول الثلاث!
*وها هي الآن تسير على نفس النهج وتحاول فرض سياسة الأمر الواقع، بالإعلان عن الملء الثاني لخزان السد في يوليو القادم (بأكثر من 13 مليار متر مكعب) أي حوالى ثلاثة اضعاف الكمية الاولى، بالإضافة الى اعلانها امس عن رفض الوساطة الرباعية (الاتحاد الأفريقي، الامم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وامريكا) التي اقترحها السودان متمسكةً بوساطة الاتحاد الأفريقي التي فشلت في تقديم الحلول لسنوات طويلة، وهى لا تقصد سوى فرض رأيها!
*باختصار .. فإن اثيوبيا تقول لنا بكل غطرسة وتحدٍ: “لقد صار النيل الازرق بحيرة اثيوبية”، كما أعلنها وزير الخارجية الإثيوبي من قبل، ” والعاجبوعاجبو، والما عاجبو يشرب من البحر ” !
الجريدة