بدت التخوفات واضحة على السودانيين من إعلان البلاد، الثلاثاء، إلغاء الدولار الجمركي والذي كان يخفف من أسعار السلع المبيعة في الأسواق.
والدولار الجمركي، هو سعر خاص للدولار الأمريكي مقابل العملة المحلية، بأقل من سعر السوق، للحيلولة دون ارتفاع أسعار السلع للمستهلك النهائي.
وقبل قرار الإلغاء، كان الدولار الجمركي يعادل 28 جنيها سودانيا، بينما يبلغ سعر الدولار في السوق حوالي 375 جنيها.
واعتبر عدد من الخبراء الاقتصاديين السودانيين في حديث مع “العين الإخبارية”، قرار إلغاء الدولار الجمركي، كارثة جديدة تضاف لمجموعات القرارات التي أدت الأزمة الاقتصادية الحالية.
وحذر الخبراء الحكومة من الانعكاسات السالبة للقرار التي ستؤدي لارتفاع أسعار السلع بنسبة قد تصل 50% فوق نسبة التضخم الحالية البالغة قرابة 400%، فضلا عن زيادة التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية خلال الفترة القادمة.
** كارثة جديدة
واعتبر الخبير الاقتصادي السوداني كمال كرار، إلغاء الدولار الجمركي كارثة جديدة تضاف لمجموع القرارات الكارثية التي أدت الأزمة الاقتصادية الحالية.
وقال كرار في تصريحات لـ”العين الإخبارية”: نتيجة هذا القرار، ستكون هناك زيادة في أسعار كافة السلع المستوردة، بجانب وسائل الإنتاج وأيضا زيادة التضخم.
وتابع: “القرار يأتي تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي القاسية على الاقتصاد.. ذلك يؤكد أن القرار الاقتصادي برمته في يد الصندوق والبنك الدولي”.
من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي محمد الناير قرار إلغاء الدولار الجمركي، بأنه يتصف بالغموض وغير واضح، لأن الدولار الجمركي يخفف من أسعار السلع المستوردة من الخارج.
وقال الناير في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن بيان المالية أشار إلى إن إلغاء الدولار الجمركي لا يؤثر على المواطن، باعتبار أنه تم إلغاء الرسم الإضافي على السلع المستوردة وإلغاء ضريبة الأعمال التي كانت تحصل على الواردات.
بعد نجاح مؤتمر باريس.. هذا ما يترقبه الاقتصاد والمواطن في السودان
وأوضح أن الهدف من القرار، تنفيذ سياسة صندوق النقد الدولي من خلال توحيد سعر الصرف بما في ذلك سعر الدولار الجمركي حتى يكون موحدا مع الأسعار الأخرى.
وأضاف: “الدولة فعلت ذلك، لكن دون أن تعلن هذا الأمر للمواطن، بالمقابل أجرت بعض التخفيضات حتى لا يكون هناك أثر كبير على المواطن بصورة أساسية.. هذا القرار غير واضح المعالم، وسيتم استغلاله من القطاع الخاص استغلالا غير جيد”.
ولفت: “نحن نعمل في ظل دولة حينما تنخفض قيمة العملة الوطنية، ترتفع الأسعار في نفس اللحظة وحينما تقوى قيمة العملة الوطنية لا تنخفض الأسعار”.
“في حال عدم الإعلان عن قوائم خاصة بالجمارك للسلع المعفي من الدولار الجمركي، سيكون له تبعات سلبية على معيشة المواطنين”، متوقعا أن تزيد أسعار السلع والخدمات، بجانب السلع التي تتحدث الدولة عن أن هناك إعفاءات لها.
وأردف: “معدل التضخم للشهر الماضي بلغ 378%، كما سيرتفع أكثر من ذلك، خاصة حينما يكون الأثر مزدوج من خلال قرارات تحرير أسعار المحروقات وإلغاء الدولار الجمركي، لذلك سيكون الأثر مضاعف على أسعار السلع وتدهور قيمة العملة الوطنية خلال الفترة القادمة”.
الجمارك تطمئن
بدوره، أعلن مدير هيئة الجمارك الفريق بشير الطاهر، اتخاذ الحكومة عدة إجراءات لمنع تأثيرات قرار إلغاء مايسمى بالدولار الجمركي.
وقال الطاهر في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء، إن الإجراءات تشمل إلغاء الرسوم الإضافية على جميع الواردات مثل ضريبة أرباح الأعمال وخفض الفئات الجمركية للحد الأدنى للسلع الأساسية، إلى فئة صفرية لكثير من السلع الضرورية، وتخفيض فئات الرسم الإضافي على جميع السلع الكمالية وبعضها إلى صفرية.
وأعلن مدير هيئة الجمارك التنفيذ الفوري لقرار إلغاء الدولار الجمركي وتطبيق الإجراءات المتعلقة به.
وطمأن مدير هيئة الجمارك المواطنين، بأن القرار يأتي في صالحهم ولا يؤثر في زيادة الأسعار، بل يعمل على تخفيضها عقب تخفيض الرسوم الجمركية والقيمة المضافة وضريبة أرباح الأعمال.
العين