أقرَّ شاهد عيان وقيادي رفيع في الشرطة، بوجود خلل كبير في مؤسسة الشرطة السودانية، ساهم بشكل مباشر في تزايد الانتهاكات وجرائم القتل التي يواجهها حالياً الشعب السوداني.
جاءت تلك الإفادات من الفريق شرطة عابدين الطاهر مدير المباحث الجنائية المركزية الأسبق ، في مقال نشره على صفحته بالفيس بوك حيث عاد في تحليله للأحداث الجارية حالياً، للعام 2013 والذي شهد انتفاضة الشارع السوداني الشهيرة وراح ضحيتها أكثر من 200 شاب تم قتلهم على مدار 3 أيام متتالية، حيث ذكر ( ان القاتل المجهول ظل يتجول بيننا ويحصد الأرواح في كل موقع وكل طريق ثم يعود ولا أحد يعرف عنه شيئاً منذ اندلاع الثورة في العام 2013).
ورد الفريق عابدين الطاهر على سؤال (مونتي كاروو) عن تفسيره لتعرض معظم الضحايا للرصاص من قناصة محترفين بحسب إفادات شهود عيان وتوثيق بعض الكاميرات، قائلاً: (لاحظت معظم حوادث القتل يسبقها توثيق للشخص المقصود قبل قتله ثم يتم تصوير لحظة قتله باحترافية ومهارة .. للأسف كان بإمكان الشرطة عبر مباحثها ان تفحص المقذوفات التي يتم الحصول عليها داخل جثامين الشهداء لمعرفة نوع السلاح الضارب ومقارنته مع أسلحة كل القوات في الميدان وان وجدته مختلفا هذا يقوي من احتمال وجود جهات أخرى تقوم بعمليات القتل(.
وأضاف: (أنا ارجح هذا الافتراض لأنه ليس من المعقول ان تقوم القوات بتأزيم الموقف بقتل كل هذه الاعداد وهي تبحث عن مخرج من أزمتها وليتهم يعملون بمهنية واحترافية للوصول للقاتل المجهول وأيضاً يجب عليهم منع تسليح أي جندي سواء كان يتبع للشرطة أو بقية القوات وفي الأساس يجب ألا تشارك أي قوات أخرى في التعامل مع الجمهور خلاف الشرطة لتحديد المسئولية وأيضا ترك الامر للقوة المسئولة والمدربة علي التعامل مع المدنيين ولكن للأسف كل المسئولين لا يعلمون ماذا يفعلون، ويمكن ان يتخفى القناصة في زي الشرطة ليقوموا بمهمتهم وسط هذه الفوضى وتعدد القوات، الامر يحتاج احترافية ومهنية. وواضح ان هنالك جهات تسعى بكل جهدها لتعقيد المشهد ولا يُعقل ان تتعدد حوادث القتل بهذه الاعداد وعند كل خروج لموكب.
ومضى الفريق عابدين الطاهر في تحليله بمقاله المنشور بالفيس بوك من واقع خبرته المهنية: (هذا القاتل المجهول يمتلك أحدث ادوات القنص ويتسلل من بين جموع القوات الرسمية ويختار ضحاياه بعناية ولا يخطئها ابداً). وأوضح ان بيانات الشرطة التي صدرت منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، لا تزال تصدر كما هي بذات الأسلوب، كلما سقط شهيد أو سالت دماء على الأرض، وأرجع الطاهر سبب تلك البيانات المتشابهة على مر السنوات مع بقاء الجاني مجهولاً، إلى اختلاط الأمور وغياب المهنية واختلاط الحابل بالنابل وعدم ترك أمر الشرطة إلى أهلها، حيث ان القوات التي تتعامل مع جمهور المتظاهرين لم تكن كما نصت القوانين وجرت عليه العادة، مؤكداً على ان القوات التي تتعامل مع المظاهرات اختلفت منذ العام 2013 وحتي قبل سقوط النظام البائد حيث بدأ الدفع بقوات جهات أخري ليس من أسس تدريبها التعامل مع الجمهور ولذلك كانت الخسائر في الارواح كبيرة لاستخدامهم الذخيرة الحية مباشرة في تعاملهم مع المحتجين مما أوقع خسائر كبيرة في الارواح وبث الرعب في نفوس المواطنين واقتحام المنازل دون مراعاة لحرماتها ودخلت أساليب جديدة لبث الذعر في نفوس المارة والزلة بلا وجه حق خرقاً للقوانين والضوابط التي تحكم التعامل في مثل هذه الحالات .. وذكر الطاهر ان تلك القوات لا معرفة لها بأبسط الحقوق التي تنص عليها القوانين فقد جاء سلوكهم مجاف للضوابط وبعيداً عن القانون واستمر المشهد بعد سقوط النظام وفي أيام الثورة الاولي وظلت السلطات تدفع بنفس هذه القوات الخليط لتتعامل مع الجماهير دون عودة للشرطة لتحل مكانها وظل القاتل المجهول يحصد المزيد من الارواح مع سقوط اعداد اضافية من الشهداء.
المصدر: النیلین