أكد وزير التجارة والتموين السوداني، الفاتح عبدالله، أن تجار الذهب في السودان يفضلون بيع الذهب إلى دولة الإمارات لسهولة التمويل. وقال عبد الله، في مؤتمر صحافي ببورتسودان عقده ظهر السبت، إن الحكومة لا تفرض قيودا جغرافية على صادر الذهب. وتوقع ارتفاع قيمة إنتاج المعدن النفيس من 1.1 مليار دولار في عام 2023 إلى ملياري دولار هذا العام، مؤكداً موافقة الحكومة على تصدير الذهب للدول كافة وعدم احتكاره في دولة واحدة.
وتشهد صفقات بيع وشراء الذهب السوداني للإمارات حراكا نشطا من قبل الشركات المنتجة وتجار الذهب وحكومة الإمارات، وبعلم الحكومة الانتقالية في بورتسودان، حيث تزايدت بمعدلات أكبر خلال عام الحرب رغم اتهام الحكومة نفسها وقيادات الجيش السوداني لأبوظبي بتمويل الحرب وتسيير حوالي أربعمائة رحلة طيران عبر تشاد تحمل العتاد العسكري لقوات الدعم السريع لضمان استمرار اشتعال الحرب.
ووجدت الخطوة استهجانا واسعا في الداخل السوداني. وقال المواطن عبدالباري محمود لـ”العربي الجديد” إن “استمرار بيع التجار وشركات التنقيب الذهب للإمارات خيانة للوطن والشعب”. وأشار إلى “ضرورة إيقاف أي تعاون اقتصادي معها، خاصة أنها ترسل مقابل شحنات الخام التي يتم تصديرها لها سلاحا يدمر البنى التحتية للبلاد ويقتل المواطنين الأبرياء، بضلوعها في تغذية الدعم السريع بالأسلحة والعتاد العسكري”.
2 طن من الذهب السوداني
وأشارت تقارير سابقة للشركة السودانية للموارد المعدنية إلى استيراد بورصة دبي 1.8 طن من الذهب من السودان من جملة 2 طن جرى تصديرها خلال عام الحرب 2023 في الفترة من 15 إبريل/نيسان لنهاية أغسطس/آب الماضي.
ورجحت أنباء داخلية غير مؤكدة رسميا عن توجّه الحكومة السودانية إلى تحويل معايرة الذهب السوداني من مصافي الذهب في دبي إلى دولة قطر. وقال خبير مختص في القطاع رفض ذكر اسمه لـ”العربي الجديد” إن حركة الأموال والمعادن النفيسة حول العالم صارت معقدة جدا، وأشار إلى ارتباط تجارة الذهب والمعادن بما يسمى بشهادة المنشأ. وقال إن هناك حظرا على بعض البلدان والتجارة عموما، وتجارة المعدن الأصفر خصوصا، لغياب الثقة فيها بين البائع والمشتري، لأنهما لا يعرفان بعضهما البعض، لكون المصلحة بينهما عابرة.
وأوضح الخبير ذاته أن العالم توافق على وجود الطرف الثالث، وهو المصارف التجارية، لتتدخل كضامن للطرفين، بحيث يودع أحدهما النقود في المصرف، بينما يودع الآخر الذهب في ذات المصرف وفق الفروع المختلفة، على أن يقوم المصرف بإجراءات التسليم. وقال إن البنك المركزى وضع سياسات تصدير مشددة للذهب نتيجة لظروف البلاد العامة. ولمزيد من الضغط والضبط، وجهت المصارف بضرورة أن يتم توريد حصيلة الصادرات مقدما في حساب المصدر بالمصرف قبيل تحريك الذهب إلى المطار بعد إكمال الإجراءات الأخرى.
وأكد بنك السودان المركزي أن التصدير يتطلب أن يكون المصدر مستوفيا ومسجلا بوزارة التجارة والجهات الرسمية الأخرى. وأشار البنك إلى أن شهادة المعايرة المعتمدة للذهب هي وثيقة أساسية لتأكيد أن المصدر يقوم بتصدير الذهب وفق العيار المتفق عليه.
وأوضح أن شهادة مصفاة الخرطوم للذهب “ليست معتمدة للبيع خارجيا رغم دقتها”، إلا أنها تعتبر وثيقة مهمة لبدء الإجراء وإثبات أن هناك سلعة. وقال: “الآن لا توجد مصفاة من الأساس، وكان الاعتماد والعيار النهائي يتم التوافق عليه بعد فحص الذهب مجددا وتحديد العيار النهائي بدولة الإمارات في الغالب”.
وقطع البنك باستحالة وجود مشتر يقوم بإيداع النقود في حساب البائع قبل الاستلام. وقال إن شركات التصدير تقوم بتمويل نفسها ذاتيا أو بالاستعانة بعلاقاتها التجارية، نظرا لتعقيد عملية التحويلات المالية حول العالم، وفي السودان خاصة. وأشار إلى التواجد المصرفي الإماراتي في السودان، ولتسهيلات دخول وتجارة الذهب في دولة الإمارات. وأوضح أن معظم الذهب الذي يتم استخراجه يتبع القطاع الخاص، إلا أن القطاع الخاص يقوم بتوجيه حصيلة الصادرات لأغراض الاستيراد الأخرى.
ونفى وجود منافذ ميسرة لتصدير المعدن النفيس حاليا، إلا إلى وجهته الحالية، وهي الإمارات. وقال: “رغم ارتفاع سعر الذهب في مصر مقارنة بالدول الأخرى، إلا أنه يصعب تصدير الذهب السوداني إليها رسميا نظرا للتعقيدات الإجرائية”. وأشار إلى أن جزءا من الذهب السوداني يذهب إليها حاليا عبر التهريب، ما يعتبر مخالفة رسمية للقانون في الدولتين. وذكر أن فتح أسواق بديلة يحتاج إلى تجهيزات عالية وإلى إجراءات رسمية كبيرة لا يمكن الإيفاء بها في ظروف البلاد الحالية. ويبلغ إنتاج السودان من الذهب 53 طنا في العام، يحتل بها المركز الثالث عشر عالميا، والثالث أفريقياً، في إنتاج الذهب، بإنتاجه 80 طناً. وتقدّر الاحتياطيات غير المستغلة من الذهب في السودان بنحو 1550 طنا.
المصدر: العربى الجديد