أخبار السودان:
قادني حظي العاثر امس لمتابعة جزء من حديث وزيري الصناعة والمالية امام بعض رجال الاعمال والصناعة وبعض رجال القطاع الخاص .
وبما ان وزير الصناعة السيد ابراهيم الشيخ يمثل احد الاركان الهامة في دنيا المال والاعمال ويعلم كل الخبايا والمشاكل والتعقيدات التي تواجه القطاع الخاص . قالت لي نفسي الامارة بالسوء ان الرجل وبما يحمله من خبرات متراكمه سيأتينا بالجديد وقطعا سنجد عنده ولو جزء من الحلول التي ستساعد القطاع الخاص في النهوض من هذه الكبوة وستدفع عجلة اقتصادنا ( المبنشر ) الى الامام .
ولكن وكالعهد بمعظم وزراء حكومتنا الحاليين والسابقين بدأ السيد وزير الصناعة بترديد نفس الكلام المكرر والممجوج والذي سمعناه من كل وزراء الصناعة وعلى مدى سنوات النظام البائد وثم وزير الصناعة السابق اخونا مدني عباس . حتى يتخيل للمتابع انهم كلهم يقرأون من ذات الورقة حتى بدون تغيير حرف واحد .
يا وزير الصناعة اقسم لك صادقا انك لو سألت اي سوداني ( حايم في سوق الله أكبر ) عن مشاكل قطاع الصناعة في السودان سيقول لك نفس ما قلته انت بالامس . مشاكل الكهرباء .. مشاكل سعر العملة .. مشاكل الجبايات الحكومية .وهو نفس ما رددته انت امس وبطريقة ببغاوية .
كنا نتوقع ان تحدثنا عن الحلول وليس عن المشاكل والتي حفظناها وحفظها كل الشعب السوداني .. ماذا في جعبتك انت من حلول هذا هو السؤال الذي يهمنا ان نسمع اجابتك عليه .
وحزب المؤتمر السوداني والذي انت احد اهم كوادره وركيزة اساسية من ركائزه هل يمتلك الحزب اي رؤية موضوعية بعيدة من الكلام الانشائي لوضع الحلول العملية لانتشال الصناعة من هذه الهوة العميقة التي سقطت فيه ؟ أم ان الحزب ليس له اصلا اي برنامج واضح واكتفى بالدفع بك الى هذا الكرسى مع بقية وزراء الحزب في الحكومة الحالية وقال لكم خوضوا مع الخائطين وكفى !!!
وهذا يدفعنا للتساؤل عن البرنامج الذي وعد به رئيس الوزراء دكتور حمدوك لحكومته الجديدة وقال انها ستكون ملزمة للجميع ..اين هو هذا البرنامج ؟ ام انه فقط حديث فض مجالس ليس الا .
ورغم ان الاية معكوسة تماما حيث ان طرح البرنامج كان من المفترض ان يسبق اختيار الوزراء ولكن قلنا لا بأس وان تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي ولكن حتى الان لم نسمع شيئا عن اي برنامج مطروح في الساحة ويبدو ان كل وزير سيفعل ما يراه دون اي خطط واضحة تجمع كل الحكومة وسيختلط الحابل بالنابل وسنظل ندور حول نفس الدائرة المغلقة .
ولعل هذا التخبط والعشوائية قد بدأت بالفعل فقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي امس وبكثافة عالية جدا تصريحات منسوبة لدكتور جبريل وزير المالية يقول فيها ان الاقتصاد السوداني لن يتعافى الا بقفل المعابر من جارتنا الشمالية مصر !! ولا استطيع ان أجزم ان هذه التصريحات صحيحة .
وبإفتراض انها صحيحة فعلينا ان نتساءل .. لماذا قفل المعابر وبالذات مع مصر ؟ فاذا كنت تتحدث عن التهريب فكل معابر السودان مستباحة مع كل دول الجوار مع تشاد ومع جنوب السودان ومع ارتريا ومع اثيوبيا ومع افريقيا الوسطى ( وبمناسبة افريقيا الوسطى تصريحاتك يا دكتور جبريل لم تكن موفقة عندما قلت ان افريقيا ليست دولة بالمعنى المعروف انما هي مجموعة كنتونات !! انت الان وزير مالية لدولة السودان وليس مجرد متمرد في حركة العدل والمساواة) . فلماذا اخترت فقط المعابر مع مصر لقفلها ؟ اذا كانت هناك اشكالات امنية في هذا المعبر على الحكومة المركزية ان تتدخل بكل ثقلها وتصحيح الاوضاع وبالتعاون مع الجانب المصري وقفل المعبر ليس هو الحل المثالي وليس هو الحل المطلوب .
ورغم علمي التام ان الاشكالات الامنية الموجودة في هذا المعبر ليست اكثر من الاشكالات الموجودة في منطقة المثلث مع ليبيا ولا اكثر من اشكالات المعابر مع تشاد او افريقيا الوسطى ولكن يبدو ان الرغبات الشخصية وفتح الملفات القديمة والتي لا نريد الحديث عنها هنا . لها الدور الاكبر في تصريحات وزير المالية ( اذا كانت التصريحات صحيحة ) .
علي الشعب السوداني ان يطالب حمدوك ببرنامج واضح للمرحلة القادمة بعيدا من رزق اليوم باليوم والذي كان سائدا خلال سنتين من عمر الحكومة الانتقالية . نريد ام نعرف بكل وضوح وشفافية مصير هذا الوطن ومصير هذه الثورة العملاقة .
لا نريد وزيرا عشوائيا يصرح كيفما شاء ومتى ما شاء . نريدا برنامجا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا واضحا وقبل كل ذلك نريد مجلسا تشريعيا على قدر التحديات التي تواجهنا حتى تتم محاسبة كل مسؤول او وزير يغرد خارج سرب الثورة
كان الله في عون السودان