مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم منذ أكثر من أسبوع، ازدادت شكاوى المواطنين من انفلات أمني واسع عبر عمليات نهب وسلب وترويع في المنازل والأسواق، وسط غياب لافت للشرطة، وفق شهود العيان.
ووفق مراسل الأناضول، شهدت الأسواق الكبيرة بالعاصمة المثلثة الخرطوم، حملات نهب وسلب في أم درمان (شمال غرب) والخرطوم بحري (شمال شرق) لا سيما في منطقتها الصناعية التي تحوي عددا من مصانع المواد الغذائية ومطاحن الغلال.
ومنذ 15 أبريل/ نيسان الجاري، اندلعت في عدد من ولايات السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين.
ومع استمرار الاشتباكات بين الطرفين والمتركزة في العاصمة الخرطوم، لم يصدر عن الشرطة تعليق بشأن حوادث الانفلات الأمني، سوى بيانات مقتضبة عن إرسالها “تعزيزات لتأمين أرواح وممتلكات المواطنين”، كان آخرها قبل 3 أيام.
** حوادث نهب
وخلال اليومين الماضيين، تناول مواطنون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لمجموعات ترتدي أزياء عسكرية وشبه عسكرية تقوم بسرقات لشركات ومواقع تجارية في العاصمة الخرطوم.
وكشف عدد من الناشطين عن تعرضهم للسرقة والنهب من مجموعات تتبع “الدعم السريع” خلال انتشارهم داخل أحياء مدن الخرطوم، بينما ذكر آخرون أن منازلهم تعرضت للسرقة من قبل هذه القوات وهم بداخلها تحت تهديد السلاح، وهو ما تنفيه الأخيرة وتتهم بذلك أنصار النظام السابق (نظام عمر البشير).
وقال أمجد فريد مستشار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الاثنين، إنه “تم اقتحام وتدمير منزل أسرتي بحي الصبابي (شمال شرق الخرطوم) والسيطرة عليه بواسطة قوات الدعم السريع”.
وأوضح فريد في تغريدة: “في البدء سيطروا على محيط المنزل وحديقته ثم كسروا الأبواب ودخلوا إلى حرم المنزل”.
وذكرت وسائل إعلام محلية بينها موقع “مداميك”، أن “مناطق وأحياء وأسواق الخرطوم تشهد أعمال سلب ونهب مسلح واسعة من قبل مسلحين وعصابات، في انعكاس خطير لحالة الانفلات الأمني بسبب الصراع العسكري الدائرة في البلاد منذ 10 أيام”.
واطلعت الأناضول، على مقاطع وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر عمليات نهب واسعة لشركات تجارية ومخازن غلال القمح في الخرطوم بحري.
** تبادل اتهامات
ووسط حالة الانفلات الأمني جراء الاشتباكات المتواصلة بين الجيش و”الدعم السريع”، يتبادل الطرفان الاتهامات بشأن حوادث النهب والسرقة التي طالت أنحاء عديدة من العاصمة ومدن أخرى.
ويتهم الجيش قوات “الدعم السريع” بالقيام بهذه الأعمال، وقال في بيان الاثنين، إن أفرادا من الأخيرة “شرعوا في ارتداء زي الشرطة ليقوموا بالنهب والسرقة”.
من جانبها، قالت “الدعم السريع” في بيان، إنها “رصدت خلال اليومين الماضيين عمليات تخريب واسعة ونهب لمنازل المواطنين ومقار الشركات والمصانع يقف وراءها فلول وعناصر النظام السابق”.
** سر غياب الشرطة
ومع استمرار حالات الانفلات الأمني في الخرطوم، يتساءل مواطنون عن سر غياب الشرطة، وفي هذا السياق، قال محمد الرشيد (41 عاما) أحد سكان مدينة أم درمان (شمال غرب) إن كثيرا من المواطنين لحظوا اختفاء كاملا للشرطة في الشوارع والأسواق طوال أيام الاشتباكات.
وذكر الرشيد للأناضول: “السؤال المطروح أين وحدات الشرطة المختلفة؟ لماذا لم يشاركوا في تأمين المواقع التي حررها الجيش من قوات الدعم السريع ولماذا تتعرض الأسواق للنهب والسلب؟”.
من جانبه، ناشد حاكم ولاية الخرطوم عثمان أحمد حمزة، الاثنين، المواطنين في كل أنحاء العاصمة ولجانهم وتكويناتهم المختلفة “برفع حسهم الأمني والمساهمة في تأمين أحيائهم وتفويت الفرصة لمن يستغلون الأوضاع الحالية في تنفيذ عمليات نهب وسلب”، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
وأوضح حمزة أن “تلك المناشدات تجيء في ظل الظروف الحرجة التي تعيشها بلادنا وولاية الخرطوم بصفة خاصة وترتبت عليها مشاكل عديدة حالت دون تمكن أجهزة ولاية الخرطوم من القيام بمهامها على الوجه الأكمل وتزامن هذه الظروف مع عطلة عيد الفطر المبارك”.
وفي وقت سابق الثلاثاء، دخلت حيز التنفيذ هدنة لمدة 72 ساعة بين الجيش و”الدعم السريع” بوساطة سعودية أمريكية، بغرض “فتح ممرات إنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى المستشفيات والمناطق الآمنة، وإجلاء البعثات الدبلوماسية”.
المصدر: الاناضول