أوصى الخبير الدولي المعني بشأن حالة حقوق الانسان في السودان، رضوان نويصر، بمحاسبة القوات الأمنية أمام الشعب لارتكابها انتهاكات.
وأنهى نويصر زيارة إلى الخرطوم عقد فيها لقاءات بالسلطات الانقلابية والمجتمع المدني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، في ولايتي الخرطوم وغرب دارفور، والمجتمع الدبلوماسي ووكالات الأمم المتحدة.
وقال في بيان، حصلت عليه (الديمقراطي): “في اجتماعاتي مع السلطات هذا الأسبوع، أثرتُ العديد من القضايا ذات العلاقة وأوصيتُ بالتصدي على وجه السرعة لمساءلة ومحاسبة القوات الأمنية أمام الشعب، في إطار الرقابة المدنية الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، على أن يشمل ذلك خارطة طريق واضحة لإصلاح القطاع الأمني”.
وكشف عن توثيق المفوضية السامية لحقوق الإنسان انتهاكات قوات الانقلاب، من بينها الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين للمعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، والتعذيب وسوء المعاملة، والاعتداء على المستشفيات والعاملين في المجال الطبي، والعنف الجنسي، والقيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير.
وأضاف: “حتى الآن لم تقدم لجان التحقيق نتائجها حول هذه الانتهاكات. يجب رفع الحصانات من الملاحقة القانونية لأفراد القوات الأمنية المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. إن الضحايا وعائلاتهم ينتظرون العدالة، ومستقبل السودان يعتمد على النهج الذي ستعالج به السلطات حالات المساءلة في الخرطوم ودارفور وفي كل أقاليم البلاد”.
وطالب نويصر بإنشاء مفوضية للعدالة الانتقالية، وفقًا للقانون المعتمد في عام 2021، على رأس أولويات المرحلة القادمة، داعياً السلطات السودانية للوفاء بالتزامها بعملية شاملة للعدالة الانتقالية تركز على الضحايا وتراعي الفوارق بين الجنسين وتتصدى لجميع الانتهاكات والتجاوزات السابقة لحقوق الإنسان، وتوفر العدالة للضحايا وتمنع تكرارها.
وأكد استخدام الانقلاب أوامر الطوارئ لاحتجاز الأشخاص لفترات طويلة دون احترام لحقوقهم في الإجراءات القانونية المنصفة، بما في ذلك الحق في المحاكمة العادلة والحق في الحصول على تمثيل قانوني.
وشدد على ضرورة ضمان حقوق المرأة وحمايتها، حيث كانت النساء في طليعة الاحتجاجات السلمية ومنذ بداية الانقلاب تعرضن للعنف والترهيب والمضايقات وشهدن تراجعاً في المكاسب التي تحققت في ظل الحكومة الانتقالية.
وأبدى قلقه عن تراجع تمتع السودانيين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الخدمات الأساسية، بسبب تدهور الاقتصاد وزيادة تكاليف المعيشة والضغط على السكان نتيجة لزيادة الضرائب والرسوم، دون زيادة في دخلهم.
وتابع: “نحن الآن في لحظة حرجة في تاريخ السودان. ولكي ينجح التحول الديمقراطي في السودان، يجب أن يكون هناك تضامن بين جميع قطاعات هذا المجتمع المتنوع والغني ثقافياً. لقد حان الوقت لكي يتخلى القادة السودانيون من جميع الأطراف، العسكريين والمدنيين، بغض النظر عن مواقفهم السياسية، يتخلوا عن مصالحهم الشخصية والعمل من أجل مصلحة الشعب السوداني”.
ورحب نويصر بالتزامات حقوق الإنسان الهامة التي وردت في الاتفاق الإطاري، والذي تم توقيعه بين القوى السياسية المدنية والمكون العسكري في ديسمبر من العام الماضي.
وأرسل نويصر رسالة إلى سلطات الانقلاب تقول إن قضايا المحاسبة والعدالة الانتقالية تتطلب آليات عملية ذات مصداقية تتصدى للجرائم الماضية، وأسبابها الجذرية، وتوفير بُنية تحتية قانونية تمنع تكرارها.
وقال: “خلال لقاءاتي مع مجموعة واسعة من ممثلي المجتمع المدني، بما في ذلك النساء والشباب، شعرتُ بأن هناك انعدام للثقة في الطريقة التي تسير بها الأمور – اي عدم اليقين بشأن المستقبل.. وقد أفاد الكثير بوجود قيود متزايدة على انشطتهم، بما في ذلك زيادة البيروقراطية، ورفض تسجيل المنظمات غير الحكومية والتدقيق في تمويلها حيث تم إغلاق المساحة التي فُتحت للمجتمع المدني خلال الفترة الانتقالية”.
وأضاف: “إن وجود مجتمع مدني قوي ومتنوع أمر محوري للديمقراطية، واتخاذ خطوات جادة نحو بناء الثقة بين المواطنين السودانيين والمؤسسات التي تحكمهم أمر أساسي لنجاح أي عملية سياسية.. فبدون استقرار على الصعيد السياسي، لن تكون البيئة مواتية لأي تحسن في حالة حقوق الإنسان”.
المصدر: الديمقراطي