أخبار السودان:
دخلت الحملة السعودية لمقاطعة البضائع التركية منعطفا جديدا، بعد بيانات رسمية أظهرت هبوطا قياسيا لقيمة واردات السعودية من تركيا بلغ 72.2 بالمئة خلال شهر كانون الأول/ديسمبر.
وطالبت الحملة الشعبية لمقاطعة تركيا في بيان نشرته عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بتصفير التعامل مع تركيا، قائلة إنه “لن يكون مقبولا على الإطلاق استمرار أي متجر في بيع أي منتج تركي تحت أي ذريعة كانت”.
وقال بيان الحملة السعودية لمقاطعة تركيا: “الفترة الماضية كانت كافية لتصريف البضائع التركية ووقف التعامل الكامل مع أي منتج أو مستورد تركي نهائيا وصولا لهدف الحملة الرئيس، صفر تعامل مع تركيا”.
وأكد البيان أن “وجود أي متاجر اليوم تعرض البضائع التركية هو بمثابة عدم التزام بالبيانات الإعلامية التي أصدرتها العديد من الشركات والمتاجر والأسواق خلال انطلاق الحملة الشعبية منذ 4 أشهر، ومحاولة التفاف على تعهداتها السابقة واستخفاف بالمستهلك الوطني الواعي والمحب لوطنه، والذي يرفض التعامل مع أي دولة تعادي وطنه وقيادته”.
وتتصاعد الدعوات السعودية لمقاطعة المنتجات التركية منذ أكثر من عامين، رغم أن الرياض نفت صدور أي قرار رسمي بحظر دخول البضائع التركية إلى المملكة، خشية العقوبات التي يمكن أن تفرضها منظمة التجارة العالمية، حال مخالفة الأحكام الملزمة في اتفاقيات التجارة الدولية واتفاقيات التجارة الحرة.
ونفى بيان للمكتب الإعلامي للحكومة السعودية، في تشرين الأول/أكتوبر 2020، فرض الحكومة أية قيود على المنتجات التركية، وذلك بعدما قال اتحاد المصدرين الأتراك إن السعودية علقت رسميا استيراد اللحوم والبيض ومنتجات أخرى من تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
وأرجع المكتب الإعلامي للحكومة السعودية، حينها، سبب التراجع الملحوظ في حجم التبادل التجاري بين تركيا والمملكة، إلى تداعيات جائحة كورونا.
وزادت حدة التوترات بين الرياض وأنقرة، بعد اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بإسطنبول، في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018، والموقف التركي الحازم المطالب بمحاكمة المسؤولين عن اغتياله، وهم مجموعة من المقربين من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تحمله المخابرات الأمريكية المسؤولية المباشرة عن عملية الاغتيال، وفقا لوكالة الأناضول التركية شبه الرسمية.
والأربعاء، أعلنت الهيئة العامة للإحصاء السعودية، انخفاض قيمة واردات السعودية من تركيا إلى 50.6 مليون ريال (13.49 مليون دولار) في كانون الأول/ ديسمبر، مقابل 182.2 مليون ريال (48.58 مليون دولار) في تشرين الثاني/ نوفمبر، ومن 1.06 مليار ريال (282.63 مليون دولار) في كانون الأول/ ديسمبر 2019.
وتراجعت أرقام سياحة السعوديين في تركيا خلال العام الماضي، حيث ذكرت بيانات صادرة عن وزارة الثقافة والسياحة التركية، أن عدد السياح السعوديين بلغ في آب/أغسطس 2020 نحو 100120، مقارنة بنحو 140010 خلال الشهر نفسه من العام ٢٠١٩.
وتشتهر تركيا بالسياحة خلال فترة الصيف بالنسبة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لطبيعتها الخلابة والأجواء المعتدلة فيها، فضلا عن الأسعار المنخفضة قياسا بدول أوروبا الغربية.
ومن جانبه، دعا رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، عجلان العجلان، عبر حسابه الرسمي بـ”تويتر” إلى ضرورة الاستمرار في مقاطعة تركيا وتصفير التعامل معها.
وقال المسؤول السعودي في تغريدته: “عرضت قناة TGRT التركية خريطة لمناطق النفوذ التركي بحلول عام 2050، وتشمل سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا والسعودية ودول الخليج”، مضيفا: “هذا يؤكد جنون الحكومة التركية وأطماعها وعدوانيتها، التي سنكون لها بالمرصاد بكل ما نملك”.
ونسبت قناة TGRT التركية الخاصة الخريطة الافتراضية إلى مركز أبحاث “ستراتفور” الأمريكي، في تقرير لها بعنوان: “خريطة ظل CIA عن تركيا في 2050″، وأظهرت الخريطة امتداد النفوذ التركي بحلول عام 2050 من كازاخستان وتركمانستان شرقا مرورا بالسعودية ودول الخليج العربي ومصر وحتى ليبيا غربا واليمن جنوبا.
وكان العجلان، قد دعا في تغريدة سابقة نشرها في 3 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى مقاطعة تركيا في مجالات الاستيراد والاستثمار والسياحة، معتبرا المقاطعة مسؤولية كل سعودي، التاجر منهم أو المستهلك، بزعم استمرار عداء الحكومة التركية للقيادة والدولة والمواطنين السعوديين.
وعقب تغريدة المسؤول السعودي، أعلنت مجموعة واسعة من المؤسسات والشركات السعودية العاملة في القطاعات التجارية والصناعية المختلفة انضمامها إلى مقاطعة المنتجات التركية، في إشارة إلى وجود استجابة واسعة للحملة التي تحظى بدعم علني من قبل بعض المسؤولين وأعضاء العائلة الحاكمة ووسائل الإعلام شبه الرسمية في المملكة.
اقرأ أيضا: مسؤول سعودي يدعو لمقاطعة اقتصادية شاملة لتركيا
وذكرت صحيفة “المدينة”، نقلا عن خبراء اقتصاديين توقعاتهم أن تؤدي حملة المقاطعة الراهنة للبضائع التركية مع وقف السياحة من بعض الدول العربية إلى خسائر للاقتصاد التركي بقيمة 100 مليار دولار.
ووفقا للصحيفة، يبلغ عدد الشركات الخليجية المستثمرة في تركيا 1973 شركة، منها 1040 شركة لمستثمرين سعوديين في مجال الاستثمار العقاري، فيما تعمل باقي الشركات في قطاعات أخرى، أهمها، صناعة الغزل والنسيج، والملابس، والسيارات والصناعات المعدنية، والصناعات الغذائية والاستهلاكية. فيما بلغ حجم الاستثمارات التركية في السعودية نحو 660 مليون دولار، وفقا لبيانات الإدارة العامة للاستثمار في السعودية.
وفي المقابل، قللت وكالة الأناضول من تأثير المقاطعة السعودية على الاقتصاد التركي، وقالت: “لا يُعتقد أن مقاطعة المنتجات التركية ستكون لها تداعيات مهمة على الاقتصاد التركي، مع وجود احتمالات تضرر شركات ومستثمرين ورجال أعمال أتراك يتخذون من السوق السعودية أولوية لنشاطاتهم التجارية”.
ويفيد موقع وزارة الخارجية التركية بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2015 بلغ نحو 5.59 مليارات دولار، وانخفض في العام التالي إلى 5 مليارات، ثم 4.84 مليارات في 2017، وبعدها 4.95 مليارات في 2018، ثم ارتفع إلى 5.1 مليارات دولار في 2019.
ويميل الميزان التجاري لصالح تركيا. وتفوقت الصادرات التركية بين 2015 و2017 على الواردات السعودية بحدود 1.3 مليار دولار، ثم تقلص الفارق إلى 300 مليون دولار فقط عام 2018، في مؤشر على تراجع الصادرات التركية، في ذروة الخلافات السياسية بين البلدين، قبل أن يعاود الارتفاع إلى مستواه الطبيعي عند 1.3 مليار دولار عام 2019.
ويوجد أكثر من 200 شركة تركية تعمل في السعودية، كما تعد الرياض الدولة الخليجية الثانية بعد قطر والدولة السابعة في العالم على صعيد حجم الأعمال التي ينفذها المقاولون الأتراك فيها، بحسب موقع قناة “الحرة” الأمريكية.
وتغطي المنتجات التركية، بحسب الوكالة التركية، مساحة مهمة من سوق الاستهلاك اليومي للمواطن السعودي بأسعار أقل وجودة أعلى مقارنة بمثيلاتها من دول أخرى، وبالتالي فإن مقاطعتها قد تعني أعباء إضافية على المستهلك السعودي.