الحلو والمساومة على وحدة السودان:: في ٧/يونيو/٢٠١٧ قرر مجلس تحرير جبال النوبة التابع للحركة الشعبية شمال إقالة مالك عقار رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي من منصبه وتجريده من كافة الامتيازات الثورية، وتعيين الفريق عبدالعزيز ادم الحلو رئيسا للحركة وقائدا عاما لجيشها، كما قرر المجلس إقالة ياسر عرمان من الأمانة العامة للحركة الشعبية، وفي البيان الختامي لمجلس التحرير الإقليمي أورد ان أسباب الإقالة هي: عدم اعتراف عقار بقرارات مجلس تحرير جبال النوبة/ جنوب كردفان، والتسبب في أحداث إقليم النيل الأزرق، ورفض عقار لطرح حق تقرير المصير في المفاوضات بالرغم من انه مطلب اجمع عليه شعب إقليم جبال النوبة/جنوب كردفان في مؤتمر كل النوبة (كاودا/٢٠٠٢).
الحلو والمساومة على وحدة السودان::: في حوار مع صحيفة التيار بعد هذه القرارات قال رئيس الحركة الشعبية شمال الجديد عبدالعزيز ادم الحلو الاتي: ( ورد مطلب تقرير المصير كجملة شرطية، أي السودان العلماني الديموقراطي الموحد، أو حق تقرير المصير لكل الشعوب السُّودانية المُختلفة ليُقرِّر كل منها مُستقبله السِّياسي والإداري في حالة تمسُّك المركز بالقوانين الدينية). منذ ذلك الوقت ظهر ان نية عبدالعزيز الحلو الأساسية هي تتبع خطى رفاقه في الحركة الشعبية الام في جنوب السودان والذين ربطوا السلام نفسه بحق تقرير المصير، وانتهى بهم الأمر كما يعلم الجميع إلى الانفصال.
صعب على عبدالعزيز الحلو ربط السلام نفسه بحق تقرير المصير كما فعل الجنوبيون، لذلك بحث عن أكبر قنبلة موقوتة في البلاد ليساوم بها، ولم يجد بالطبع أفضل من العلمانية، فأطلق شرطه الشهير، اما علمانية او حق تقرير المصير، مما يستغرب له أن عبدالعزيز الحلو وحركته يجمعون في الجملة الشرطية متناقضين اثنين، فهو حين يتحدث عن الدولة العلمانية يتحدث عن دولة السودانيين جميعا، بينما حين يتحدث عن تقرير المصير يتحدث عن منطقته جبال النوبة، وهو بهذا يقول لجميع الشعوب السودانية إما أن تقبلوا بأن يتحول السودان إلى دولة علمانية وان كنتم كارهين او سوف انفصل عنكم!! فتأمل !!
الحلو والمساومة على وحدة السودان::: كان الاولى لعبدالعزيز الحلو وهو يقود حركة مناطقية ان يطالب بالعلمانية لمنطقته او حق تقرير المصير أن أكره في منطقته على غير العلمانية، كان سيكون هذا وجيها ومفهوما ولا يوجد فيه تعدي على بقية الشعوب السودانية ولا ارغام لها على علمانية لا تريدها، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فالرجل لا يريد العلمانية ولا يبحث عنها، هو فقط يمتطيها من أجل بلوغ غاية أسمى عنده وهي حق تقرير المصير ومن ثم الانفصال، فهو يعلم أن الحكومات لن تمانع في وجود تشريع ذاتي لأهل جبال النوبة ليختاروا ما يشاؤون سواء العلمانية او الدينية او المدنية، بينما سيكون من الصعب جدا ارغام بقية الشعوب السودانية على العلمانية من أجل توقيع اتفاق سلام مع الحلو.
منذ المؤتمر الاستثنائي للحركة الشعبية شمال بهيبان في عام ٢٠١٧ والذي حضرته بعض القوى السياسية المعارضة وقتها ومن ضمنها وفد حزب الأمة القومي، ظهر لكل ذو بصر وسمع ان الحلو ليس حريصا على وحدة السودان، ولن يتنازل عن حق تقرير المصير كحق اصيل قائم بذاته لجماعته وغير مستند على اي وضع ينشأ في حكم السودان، سواء ثورة او حكم ديمقراطي او حكم شمولي، فكل السودان أمامه شيء واحد لا يجب الوصول إلى سلام معه الا وفق شروطه هو.
لست متفائلا بمستقبل ما يتخمض عنه الحوار الذي انطلق بالأمس بين الحكومة الانتقالية وحركة الحلو، فالباحث عن السلام لا يقرنه بحق تقرير المصير، الانفصاليون هم من يفعلون ذلك، الباحث عن الحرية والعدالة لا يربطهما بشروط إكراه لشعوب أخرى للتنازل عن ما تؤمن به في هوية الدولة واجبارها على العلمانية. شكرا عقار شكرا جلاب واردول وعرمان وجميع قادة وجنود الحركة الشعبية شمال الذين لم يبدلوا ابدا وحدة السودان ولم يضعوها ابدا في محل مساومة او تفاوض، شكرا لهم فهم بالفعل ابناء النيل وهذا التراب، وتعسا للمساومين بالوحدة والمنبطحين لهم.