خاص:
لايخفى على المراقب حجم المؤامرات الممنهجة التى ظلت الثورة السودانية تتعرض لها من القريب والبعيد على السواء ، وتظل امريكا هى الطرف الواجب على الشعب الخوف منه على ثورته فهى المعروفة بعدائها لخيارات الشعوب فى الحرية والاستقلال والانعتاق من التبعية ورفض الخضوع ، وقد ثار أهل السودان لتحقيق الحرية والاستقلال والكرامة ورفض الارتهان للخارج وتجسدت هذه الأهداف النبيلة فى شعار الثورة وهتافها من اول يوم لانطلاقتها حتى إسقاط الطاغية وازاحته والكل يردد حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب ، هذا الشعب الذى اراد الحرية والتغيير يعانى اليوم من التٱمر على ثورته التى بذل فيها التضحيات الغالية وسالت فيها الدماء ، وهاهى بلادنا اليوم تمضى إلى الخلف بدلا عن التقدم فى خط تحقيق أهداف الثورة ، واذا كان الكثيرون يعرفون جيدا حجم المؤامرات التى تحيكها امريكا والادعاءات الباطلة بالسعى لمناصرة الحريات ودعم التحول الديمقراطى فى العالم ، ان كان كثير من الناس يعرفون ذلك ويعلمون جيدا حجم المؤامرات الأمريكية فإن غالب الناس تنظر بكثير من الطيبة والغفلة إلى ما ظل بعض الجيران يقومون به من تٱمر على الثورة ومحاولات اجهاضها ومنعها من بلوغ أهدافها وسعيها لتحقيق الاستقرار بالتوافق على نظام سياسى يقوم على الحرية والديموقراطية والتداول السلمى للسلطة .
ونتوقف اليوم مع الجارة الشرقية لبلادنا التى نملك معها حدودا طويلة وهناك تداخل كبير بين المواطنين على جانبى الحدود بل هناك عوائل واحدة موجودة فى البلدين بحيث لا يمكن فصل هذه الامشاج بفعل السياسة وتقلباتها ، هذه الدولة هى إريتريا كما يعرف الجميع ، ولن نتحدث هنا عن دعم الشعب السودانى للثورة الاريترية فى جميع مراحل حرب التحرير حتى توج الشعب الاريترى نضاله الطويل بتحقيق النصر ونال حريته واستقلاله
وشكل حكومته الوطنية ، وبغض النظر عن التباينات بين القوى السياسية الاريترية إلا أن هذا شأن داخلى يعالجه الاريتريون ، ويفترض أن لايتدخل فيه احد من الخارج ، ولايسمحون هم بذلك .
نقول عندما انتصرت الثورة السودانية واطاحت بالبشير رأينا اسمرا تتخندق فى صف اعداء الثورة ، بل أسهمت فى خلق الفتن والنزاعات فى الشرق الذى شهدت مدنه الرئيسية نزاعات قبلية دامية هدفت إلى نسف الاستقرار والعمل على نشر الفوضى وزعزعة الأوضاع وصولا إلى إقناع الناس بضرورة الحكم العسكرى وتشديد القبضة الأمنية على البلد ، وقد تناقلت العديد من الجهات حينها اتهامات للجانب الرسمى الاريترى ممثلا فى جهاز المخابرات بالوقوف بشكل غير مباشر خلف هذه التطورات السالبة ، وعلى الرغم من نفى مقربين من نظام الحكم فى اسمرا هذه الأخبار واعتبارها عديمة الصحة إلا أن الشعب السودانى ظل ينظر بشئ من عدم الرضا إلى إريتريا الرسمية التى لانخفى علاقتها المباشرة مع العدو الإسرائيلي. وهو المعروف بسعيه الى تثبيت اركان حكم العسكر الذين مضوا فى طريق التطبيع واعلنوا رسميا توجههم الكامل للتواصل مع إسرائيل بل إن مسؤولين من كيان العدو خاصة طواقمه الامنية والعسكرية قد حطوا فى الخرطوم أكثر من مرة وتباحثوا مع قيادات الانقلاب فى السودان واتفقوا على. الكثير. من المشتركات ومنها بالطبع التٱمر على الثورة ومنعها من تحقيق أهدافها والوصول إلى مبتغاها . ويرى بعض السودانيين أن تحالف إريتريا مع العدو الصهيونى يجعلها إحدى أدواته فى زرع الفتنة بالسودان وافشال الثورة ، وهذا الأمر تسعى إليه أيضا دولة الإمارات العربية المتحدة وهى الاخرى ذات علاقة وثيقة باسمرا وهذا ما يزيد التكهنات بتورط إريتريا فى المزيد من التٱمر على الثورة السودانية والتنسيق مع الإمارات للوصول إلى هدفها بإفشال الثورة وتفتيت السودان لاسمح الله.
ومع ان الرئيس الاريترى اسياسى افورقى قد زار السودان والتقى مكونات الحكم من مدنيين وعسكريين إلا ان القول بان لاريتريا هدفا خاصا تريد تحقيقه من خلال نشاطها فى الساحة السودانية المعقدة وارتباطاتها المتشابكة ببعض القوى السياسية والاجتماعية فى البلد كل ذلك جعل العلاقة مع اريتريا ليست واضحة ويكتنفها الغموض ، وهى ليست كالعلاقة بيننا ودول اخرى فى الجوار.
البعض كان يصر على الدور الاريترى الواضح فى التآمر على الثورة وحكومتها سواء بما راج اكثر من مرة عن استضاقة اسمرا للفريق صلاح قوش ، أو الحديث عن تنظيم السفارة الاريترية بالخرطوم لقاء خاصا بمسار الشرق فى مفاوضات جوبا – اثناء انعقادها – ، وهو ما انتقده كثيرون واعتبروه تدخلا فى شأن داخلى ، ورغم نفى السفارة للامر حينها إلا ان الانتقادات طالتها .ولايخفى السودانيون امتعاضهم من عمل منظم ظلت تقوم به اسمرا للاضرار بالاقتصاد السودانى طوال الفترة التى أعقبت الإطاحة بالبشير وهو رعاية تهريب المنتجات السودانية التى يحتاجها السوق المحلى ، والى غير ذلك من كثير مما يثار عن قضايا وملفات شائكة تبرز الى السطح عندما يتم الحديث عن العلاقات السودانية الاريترية .