الجناة إلى المحكمة الجنائية**** لا يمكن نفي أن العدالة العالمية مختلة، وأن الدول القوية في العالم تمتلك حق الفيتو الذي يجعلها فوق قانون العدالة الطبيعي وهو المساواة بين الجميع، هذا الاختلال في العدالة هو الذي جعل إسرائيل ماتزال موجودة وقاهرة رغم صدور عشرات القرارات ضدها من الأمم المتحدة، كما جعل هذا الاختلال العراق ضحية لهجوم عالمي لم يحاسب مرتكبوه حتى اليوم، هذه الصورة الشائهة للعدالة العالمية موجودة ومشاهدة من الجميع، ولكنها لا يجب أن تكون بأي حال سببا لنا لنتأخر عن دعم النظام القضائي العالمي والسعي لاحقاق العدالة على مستوى العالم.
الجناة إلى المحكمة الجنائية**** لذلك فحديث البعض عن عدم تقديم الجناة السودانيين في مذابح دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية بحجة ان في ذلك انتقاصا لسيادة البلاد وعدم اعتراف باختلال العدالة الدولية وبتطبيقها على الضعفاء دون الاقوياء، وهو حديث قد يبدو منطقيا ولكنه في الحقيقة مجاف للمنطق، فالأجدر ان ندعم نحن الضعفاء العدالة العالمية وان نعمل على سيادتها وتحولها لواقع، فهي في نهاية الأمر الهدف الأسمى للجميع، ولو أن هناك ضميرا صاحيا في هؤلاء الأقوياء الذين يدوسون على العدالة وعلى حقوق الضحايا الآن فهم بكل تاكيد في غم وهم وشعور داخلي مؤلم بالازدواجية، وطال الزمن ام قصر سيتراجعون عن هذا الموقف ويدعمون العدالة العالمية ولو على انفسهم، فالطريق الطويل للبشرية في المستقبل سيكون حافلا بالكثير من المواقف الجماهيرية المتحدة على مستوى العالم، من أجل العدالة ووحدة البشرية ضد التمييز والفروقات، وقريبا جدا لن يكون هناك حدا فاصلا بين الشعوب، لن تكون هناك حواجز مائية ولا زمانية ولا مكانية وسيتحول الفعل الواحد في اي بقعة من العالم إلى فعل عالمي في ظرف وجيز.
الجناة إلى المحكمة الجنائية**** ليس هذا خيالا ولا تنجيما وإنما حقيقة التطور المتوقع، لو ان شخصا مات قبل مئة سنة من الآن وعاد اليوم لشاهد الطفرة الحياتية التي يعيشها العالم والاختلاف الضخم بين زمانه وزماننا، ولرأي كيف سقط الاستعمار ونهضت الاقطار الحرة، وكيف تحولت الحريات من قضايا محدودة لمجتمعات محدودة إلى قضايا عالمية، وكيف يسافر الناس بهذه السرعة الجنونية بين المدن والقرى والأقطار، وكيف يسمعون بعضهم ويرون بعضهم في نفس اللحظة وهم في طرفي الأرض وبينهم ملايين الأميال، سيصل هذا العائد من الموت إلى حقيقة واحدة وهي ان هذا العالم متوجه بسرعة نحو مستقبل حافل بما لا عين رأت ولا خطر على بال بشر في الماضي والحاضر، وهو بالضبط ما يجب ان يكون عليه استنتاجنا لو نمعن التفكير في حال المستقبل القادم، وحتمية احتواءه على تطور تقصر عقولنا عن الإحاطة بمداه، فالله يفتح على العالم كل زمان بابا ما خطر على بال احد.
قد نكون اليوم ضعفاء بين الدول وفقراء وعاجزين عن التطور، ولكن لا يجب أن يمنعنا هذا من ان نكون بشرا حقيقين، بشرا قادرين على الوفاء بالأخلاق والمباديء الطبيعية التي لن تتغير ما تغير الزمان كالعدالة والإنصاف، لا يجب أن يهمنا موقف دولة أخرى قوية كانت ام ضعيفة من هذه المباديء، ما يهمنا يجب أن يكون دعمنا المستمر لها ووقوفنا معها احقاقا للحقوق ووفاءا لارواح الضحايا، وسيكون دائما هناك من هو مستعد للوقوف معنا ودعمنا في هذا المسار من كل بقاع الأرض مادمنا نستهدف الخير والحق والعدالة للانسانية، فهذا طريق العظماء، طريق الأنبياء، وطريق الله.
يوسف السندي
[email protected]