أخبار السودان :
الجبهة المدنية العريضة موافقات واعتراضات
منذ ان برزت الى السطح فكرة ضرورة تكوين جبهة مدنية عريضة مناهضة للحرب ، والفكرة تلقي كل يوم مزيد من التأييد الشعبي ، فالحرب اصلا غير مرحب بها عند غالب الناس ، وان لم تكن بهذه البشاعة والقسوة والقبح ، فكيف وقد نتج عنها كل هذا الدمار ، وترتبت عليها كل هذه الاثار ، اليس ذلك ادعي لتكثيف الجهود لفعل اي شي يوقف الحرب.
هذه الجبهة العريضة المناهضة للحرب محل قبول غالب الناس في هذا العمل الذي تنهض به ، والمسعي الذي تهدف اليه ، لكن بمجرد ان تحدث البعض عن دور لها في مرحلة مابعد الحرب نشأت اعتراضات ، وبغض النظر عن وجهاتها او عدم ذلكا فانها تبقي خطوة مفهومة في اطار حق الناس في تقرير ما يشاؤون ، ورفضهم ما لا يقبلون به وترويج فكرتهم والدفاع عنها والدعوة لها ، ومحاولة اقناع الآخرين بتبنيها ، وهذا لايعني بالطبع القول ان الجبهة المدنية العريضة طالما اعترض عليها البعض – وحتي بافتراض كثرة المعترضين – فانها يلزم ان تنزوي ولا تطالب بدور لها في مابعد الحرب.
المؤيدون لدور تضطلع به الجبهة بعد الحرب قسمين أحدهما يفترض انها وحدة المؤهلة لادارة الانتقال وايصال البلاد الى الاستقرار باعتبار انها تشكيل مدني انخرط فيه غالب الفاعلين في الساحة مما يعطيها مقبولية تمكنها من العمل دون حساسيات ، بينما يري القسم الاخر ان الجبهة يلزم ان لا تنفرد بادارة الانتقال لانها اصلا لن تستطيع ذلك ، وما لم يشترك غالب الناس في هذه المرحلة فان المرغوب فيه لن يتحقق.
المعترضون على ممارسة الجبهة لاي دور في الانتقال ذهبوا الى انها مكونة من نفس النخب التي ادمنت الفشل – كما يقول الراحل دكتور منصور خالد – ، وبتعبير بعض الناقمين اليوم ان هذه النخب هي من تركة دولة 56 التي يجب ان تغيب تماما من الساحة ويتم تكوين جديد قائم على العدل والانصاف والمساواة وتغيير العوامل التي اسهمت في هذا التدهور المريع الذي نعيشه ، والجزء الاخر المتصدر للمشهد في قيادة الجبهة وبالتالى سيكون هو المتحكم في قيادة الانتقال وسودان ما بعد الحرب ، هذا الفريق عبارة عن مرتبطين بمنظمات دولية وحاملى أجندة لاعلاقة لها بصميم اهتمامات السودانيين، اذ انهم لو اضطلعوا بدور قيادى في المرحلة القادمة فسيكون برنامجهم قضايا اما انها غير مقبولة عند البعض او ليست محل اهتمام الآخرين ، كالتطبيع وسيداو والمثلية وغيرها من المواضيع التي حتما سوف يصطدم بها كثيرون ، ولايهتم بها اخرون بحسبان انها لاتعني لهم شيئا ، مما يعني عدم معالجة الانتقال للمشاكل التي اندلعت من اجلها الحرب واحدثت كل هذا الدمار ، وهذا يعني تأجيل حسم هذه القضايا مما يؤشر لعدم استقرار الأوضاع وإمكانية اندلاع الحرب مجددا في لي لحظة وهذا ما يجب اجتناب اي طريق يقود اليه.
سليمان منصور