رمضان كريم.. لكن ترك وزارة التربية والتعليم (بدون وزير) حتى الآن أمر بالغ الخلل، وفيه إشارة سلبية بل إشارات غاية في السلبية (إذا شئنا النصيحة وليس بنت عمها)وهذا نوع من المغالبة والتنازع حول أنصبة المشاركة وكأن المناصب أهم من خدمة الشعب…! هذا لا يشبه المفاهيم الجديدة لثورة ديسمبر ولا مهام فترة الانتقال، ونحن نعلم أن المسؤولية عن هذا التلكؤ موزعة بين تنظيمات وقوى وتنازعصلاحيات وتغولات (وفلول)، ولكن هذا لا يعفيسلطة الانتقال وحاضنتها من الرضوخ (للعنطزة) من جهات شرفية لا دخل لها بتصنيف وزراء الحكومة ومرشحي الوزارات..! ولا تكاد كل أعذارالدنيا وتبريراتها تكفي لتبريرالعجز عن تسمية وزير في خطورة حقيبة التعليم نتيجة تمترس أو غفلة أو خضوع لتقديرات ما أنزل الله بها من سلطان..! ولو كنت مكان رئيس الحكومة لأعلنت تعيين الوزير اليوم قبل (شراب المويات).. وليحردكل غاضب إفطاره وسحوره..!
ذلك أن مستقبل التعليم ومستقبلالأجيال القادمةأهم من ألف محاصصة أو مناقصة ومن كل حرد وتذمرأو استكراد..! وقضية التعليم وإدارتهاليست أمراستوزار و(وجاهات) بل قضية وطن يريد أن بتقدم وثورة يجب أنتنتصرعلى مؤامرات الفلول وأجيال تريد أن تلحق بركب العصر،ومبلغ علمنا أن الوزير السابق يمكن أن يقود الوزارة إلىأن تضع (حرب المناصب)أوزارها..! لذا ينبغي إعادته للعمل ورفضأسلوب التصنيفات الخائبة التي جاءت بها الإنقاذولوثت بها مياه العمل الوطني، وما نعرفه عن الوزير السابقأنه كفء ومؤهل ومنأهل المهنة و(الكار) ومن الخبراء الذين أمضوا عمرهم في مجال التعليم، ولا يهم بعد ذلك لون (الجاكيتة) التي يرتديها..! وإذاكان لدى الحكومة أوالدولة من يصلح للمنصب أكثر منه فليقدموه،ولا معنىأن يتركوا مقعد الوزارة خالياً كل هذا الوقت، فهل هان مستقبل التعليم في بلادنا وكأنه أقل قيمة وأهميةفي نظرهم من التعدين أو السياحة أو المالية..؟!بل التعليم من المجالات ذات الحساسة العاليةالتي تحتاج إلىعناية لصيقة ومتابعات يومية ونحن في دولةبعض مدارسها (رواكيب) وبعضها يشكو غياب الأزيار والمراحيض والكنبات لإجلاس التلاميذالواقفين أو (المتقرفصين في التراب)…الخ.؟! اتركوا الوزير السابق يعمل (ولو بالمشاهرة) ومن غير مرتب إلىأن تتفقوا على الوزير الجديد الذي ترضى عنه بنو تميم أو بنو أسد (قالوا ذكرت ديار الحي من أسدٍ..لا در درّك قل لي مَنْ بنو أسدِ)..؟!
هناك أمور عسيرة البلع ترافقت مع(محاصصات جديدة) بقدوم الحركات المسلحة للخرطوم، ولو قلنا غير ذلك لكنامثل النعامة (التي لسبب ما) تدفن رأسها في الرمال، أو مثل جماعة الإنقاذالذين ينتصرون للباطل وللمحاباة و(يبلعون الذمة)..! وعندما نشير إلى المحاصصات لا نتجاهل توازنات المشاركة وتوسيع قاعدتها، ولكننا نرى أنالأولوية يجب أن تكون لمهام الثورة ومطلوبات الفترة الانتقالية، وهذا يتطلب تضحياتمن الأحزاب والأفراد والكيانات، ولا نطالبهم بتضحيات تعادل تضحيات شهداء الثورة، ولكن لا يمكن أن يكون جميع الموطنين وزراءوأعضاء سيادة، وما زلنا نأملأن يهتم قادة الحركات بمناطق النزاعات التي كانت وقوداً للحرب لتأمين أهلهاوإغاثتهموسد منافذ الصراع العشائريورتق النسيج الاجتماعي وإفشال مؤامرات فلول الإنقاذ لإعادة الحرب..الخ، ولكن قضيتنا اليوم ليس عن الحركات بل عن مقعد وزارة التعليم الشاغر، فمن هو هذا البعبع الذي يقف حجر عثرة إمامعودة الوزير إلى مقعده..؟!وهل حقيقة أن الفريق الكباشي وبعض (بارونات وكرادلة مجلس الشركاء) أفتوا بعدم اجتياز الوزير للفحص الأمنى…؟! إذن يا لخيبة المسعى..!!
جريدة الديمقراطي