أخبار السودان:
:: ومن ثمار سياسة تحرير الأجواء، إعلان طيران الإمارات عن تعزيز خدمتها بالسودان، وذلك بتشغيل رحلة يومية إلى الخرطوم اعتباراً من 9 مارس الجاري.. وتحرير الأجواء يعني أن التحليق – في فضاءات السودان – للأقوى والأجود، وأن للمواطن حرية اختيار طائرته، حسب أسعار التذاكر وجودة الخدمات.. وليس قطاع الطيران فقط، بل هكذا يجب أن يُدار كل اقتصاد البلد، أي بالتحرير الكامل الذي يدفع الشركات على المنافسة بالجودة والسعر..!!
:: فالاحتكار آفة الاقتصاد.. وما تحصدها البلاد اليوم من فوائد سياسة تحرير الأجواء – وكثافة طيرانها – أضعاف ما كانت تحصدها في أزمنة سودانير التي ظلّت تحتكر الأجواء السودانية حيناً من الدهر (بلا فائدة).. وبالمناسبة، لو أية شركة طيران وطنية وخاصة نالت من المزايا نصف ما نالتها شركة سودانير، لملأت آفاق الدنيا تحليقاً.. ولكن ليس في الأمر عجب، أينما حل الفساد يحل الفشل والدمار..!!
:: والمهم.. مع الالتزام بسياسة تحرير الأجواء، يجب خلق سياسة اقتصادية تُساهم في تطوير شركات الطيران الوطنية لحد منافسة الشركات الأجنبية في (زحمة الأجواء).. والشاهد أن بالبلد شركات طيران وطنية ذات كفاءة، وقادرة على التنافس والتحليق في الفضاءات العربية والأفريقية والعالمية لو وجدت (بعض الدعم)، وليس (كامل الدعم)، كما كان حال شركة سودانير، والتي لم تتبق منها غير عمالة بلا طائرات..!!
:: وكل دول العالم، مصر والسعودية وإثيوبيا نماذج، لا تعامل شركاتها الوطنية – عامة كانت أو خاصة – بذات تعاملها للشركات الأجنبية، إذ لشركاتها امتيازات خاصة.. وبالامتيازات الخاصة تجاوزت شركاتها الوطنية – العامة والخاصة – جغرافية قطرها إلى فضاءات الكون.. وعلى سبيل المثال، ليس عدلاً – ولا من السياسة الاقتصادية الراشدة – أن تبيع المؤسسة العامة للبترول وشركاتها جالون الوقود للشركات الوطنية بذات الأسعار التي تبيع بها للشركات الأجنبية..!!
:: وليس عدلاً – ولا من السياسة الاقتصادية الراشدة – أن تفرض سلطة الطيران المدني رسوماً على الشركة الوطنية بذات القيمة التي تفرضها على الشركات الأجنبية.. وهكذا.. والجدير بالانتباه، رغم تحرير سعر الصرف، لا تزال شركات وقود الطائرات تطالب الشركات السودانية سداد فواتير الوقود بالدولار وليس بالجنيه، علماً بأن الشركات الوطنية تبيع تذاكرها بالجنيه وليس بالدولار، فعلى وزارتي المالية والنفط التدخل لمعالجة هذه المعادلة المختلة..!!
:: العدل يقتضي إيقاف التعامل بالدولار داخل البلاد، حتى لا تلجأ شركات الطيران الوطنية لتجار العُملة لسداد الفواتير – لشركات الوقود – بالدولار.. وهكذا.. فالكيل في كل الفواتير الحكومية (معوج)، وغير متبع في كل دول العالم التي تحمي شركاتها بالكيل العادل.. شركاتنا الوطنية هي المواعين التي تستوعب (عمالتنا)، وفي تدميرها – بعدم الدعم غير المباشر – تشريد لهذه العمالة ثم تدمير لصناعة الطيران في البلاد..!!
:: وعلى كل، فيما تعلن الشركات الأجنبية عن تكثيف رحلاتها إلى الخرطوم، فإنّ حلم الشركات الوطنية لم يتجاوز التحليق المحدود (بلا خسائر)، أي هي شركات بلا طموح، لعجز الحكومة عن حمايتها.. والمدخل الصحيح في تطوير صناعة الطيران هو حماية الشركات الوطنية من المُنافس الأجنبي.. وما لم تتم حماية الشركات الوطنية، حتماً ستنهار أو تُرتكب المخالفات والجرائم، كعدم الالتزام بضوابط السلامة الجوية أو المشاركة في تهريب الذهب..!!
الطاهر ساتي
الصيحة