التبعية الاقتصادية وأثرها على الدول العربية والإسلامية: بين الغذاء، الدواء والسلاح
في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، وبالأخص بعد حادثة التفجیر في لبنان، لم يعد بلاشک أنَّ هناك مكان للشعوب التي تعتمد كليًا على ما تنتجه الدول الأخرى في مجالات حيوية مثل السلاح، الغذاء، والدواء. هذه التبعية الاقتصادية تشكل عائقًا أمام العديد من الدول العربية والإسلامية، وتضعها تحت رحمة القوى الكبرى التي تتحكم في إنتاج هذه السلع الأساسية.
المعاناة التي تعانيها الكثير من الدول في العالم العربي والإسلامي تعود في جزء كبير منها إلى الاعتماد على الدول الغربية في تصنيع السلاح، وتوفير الأدوية، وتلبية الاحتياجات الغذائية. يتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المجالات تطوير الصناعات المحلية بشكل فعال، إذ أن الدول التي تتمتع بقدرة إنتاجية متقدمة في مجالات الغذاء والدواء تستطيع حماية سيادتها الوطنية والحفاظ على أمنها القومي.
الغذاء والدواء ليسا مجرد منتجات استهلاكية، بل يمثلان أدوات للاستقلالية وحماية الشعوب من الوقوع في براثن التبعية. إن تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذين المجالين يعزز من قدرة الدولة على مواجهة الأزمات والضغوط الخارجية.
التاريخ الحديث يقدم العديد من الأمثلة التي تؤكد على أهمية بناء القدرات الذاتية لمواجهة التحديات العالمية. فعلى سبيل المثال، كشفت جائحة كورونا عن هشاشة بعض الدول التي كانت تعتمد على استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية. في المقابل، استطاعت الدول التي تمتلك صناعات دوائية قوية مواجهة التحديات الصحية بفعالية وسرعة أكبر.
بالإضافة إلى الغذاء والدواء، يلعب السلاح دورًا محوريًا في حماية سيادة الدول واستقلالها. الدول التي تعتمد على استيراد الأسلحة تواجه تحديات كبيرة عندما تتعارض مصالحها السياسية مع الدول الموردة للسلاح. لذا، فإن بناء قدرات إنتاجية محلية في مجال التصنيع العسكري يعد أمرًا حيويًا لضمان الاستقلالية وحماية الأمن القومي.
لن تجد الشعوب العربية والإسلامية مكانًا يليق بها في هذا العالم ما لم تسعَ إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات الحيوية مثل الغذاء، الدواء، والسلاح. تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب العمل الجاد على بناء قدرات ذاتية في هذه المجالات، لتجنب التبعية والضغط الذي قد يمارس عليها من قبل الدول الكبرى.
أحمد هیثم
.