ظهر رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، وهو يصافح كبار الضباط في مقر مركز القيادة في العاصمة الخرطوم، حيث خاطب الحاضرين بسخرية: «إن أصحاب الشجرة يبلغونكم السلام، إنهم لا يستطيعون القبض حتى على نملة» في إشارة لتصريحات سابقة لزعيم قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» قال فيها إنه يقود عمليات قواته ويجلس تحت شجرة، بينما البرهان مختبئ في قبو، وإنه سيقبض عليه قريبا.
وارتدى البرهان، كما ظهر في شريط فيديو، زي عمليات غير رسمي دون رتبة عسكرية، معلقا على كتفه بندقية، ويرتدي حزاما عليه مسدس وقنبلة غرانيت، والضباط حوله.
وسبق أن ظهر بالزي ذاته نهاية مايو/ أيار الماضي، كما قدم خطابين بالزي العسكري الكامل في عيدي الفطر والأضحى الماضيين. ومقابل الظهور في أوقات متباعدة لقائد الجيش، يكتفي «حميدتي» ببث مقاطع صوتية مسجلة من وقت لآخر.
«انتصارات عظيمة»
وفي تسجيل جديد نشرته المنصات الرسمية لـ«حميدتي» مساء الإثنين، قال إن «قواته تعمل بصبر وعزيمة في ظروف استثنائية لتغيير الواقع المؤلم في البلاد وبناء دولة الحرية والديمقراطية».
وبين أن «جنوده حققوا انتصارات عظيمة، كان آخرها في معركة في مدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم، وأن تعهدهم مع الشعب هو دعم الثورة السودانية ورفع الظلم والمحسوبية والتهميش».
وشدد على أنهم لن يعودوا من نصف الطريق مهما تكالب عليهم من وصفهم بـ «الأعداء» وأن القضية التي يدافعون عنها مرتبطة بالوطن ومستقبله، (إما أن نكون أو لا نكون).
إلا أنه عاد واستدرك قائلا إن «خيار السلام والاستقرار، خيارنا» ثم أضاف: «إنهم على الرغم من ذلك مستعدون لخيار الحرب من أجل بناء دولة الحرية والعدالة» على حد قوله.
وأكد أن مطالبتهم ببناء جيش واحد ومهني ليست تكتيكا أو مناورة إنما « أمانة يجب الإيفاء بها» وأن يدهم ستظل ممدودة لمن وصفهم بـ»شرفاء الجيش» داعيا إياهم لترك القتال والانحياز لخيار الشعب والعمل على إنهاء معاناة المواطنين. واتهم قادة الجيش بـ «اختطاف» قرار الجيش، وتوريط البلاد في حرب» مؤكدا «أنهم لن يكسبوها».
وقال إن «الانتصارات لن تغرهم من التقدم لقبول خيار الحل السياسي الشامل لمعالجة جذور الأزمة السودانية» مشيرا إلى أن الحرب بالنسبة لهم ليست غاية وأنهم خاضوها مرغمين.
وأشار إلى أن الحرب تجاوزت الثلاثة أشهر مما ضاعف من معاناة الشعب خاصة في العاصمة الخرطوم ودارفور، مضيفا أنهم يعملون مع فاعلين داخل وخارج البلاد لتخفيف آثار الحرب بقدر المستطاع.
وشدد على عدم وجود مكان للنظام السابق في الحلول للأزمة السودانية بعد اليوم، وأنه لن يسمح لهم بالاستيلاء على السلطة ومواصلة «إذلال الشعب» وظلمه واضطهاده وسرقة موارده وتدميرها.
ظهر وهو يصافح ضباطا في مقر مركز القيادة في الخرطوم
وأكد على مواجهة مخططات من وصفهم بتجار الدينـ وأنه لا مستقبل للوطن إلا بـ» اجتزاز عناصر النظام من القوات المسلحة وكافة أوجه الحياة وأن تكون نظيفة تنصرف إلى واجباتها بعيدا عن من أسماهم شلة الأيديولوجيا».
وقال إنه يعتذر باسم الشعب لكل المؤسسات الإقليمية والدولية التي قال إنها تعرضت له من عناصر النظام السابق، الذين قال إنهم سيطروا على مقاليد العمل الدبلوماسي في البلاد، مضيفا: «لن نعود لعهود التطرف والإرهاب والعداء مع محيطنا الإقليمي والدولي، التي جعلت البلاد في عزلة بسبب الحصار الدبلوماسي والاقتصادية.
وفي رسالة للشعب والقوى السياسية والإجتماعية والحركات المسلحة قال إن النصر قريب، وإن البلاد تنتظرهم جميعا للعمل من أجل بنائها وفق أسس جديدة.
لجنة اتصال
ومطلع الأسبوع الجاري، أصدر «حميدتي» قرار بتشكيل لجنة اتصال مع القوى السياسية والمجتمعية والمسلحة، برئاسة مستشاره السياسي يوسف عزت وعضوية كل من لنا مهدي وبلة محمد وفاطمة علي.
وقال إن الحوار يمثل ضرورة أساسية للتوصل لحل سياسي شامل، نظراً إلى التطورات التي تشهدها البلاد بسبب الحرب، مؤكدا أن إنهاءها يقتضي إجراء مشاورات واسعة النطاق بُغية معالجة جذور الأزمة الوطنية المتراكمة.
وتتمثل مهام لجنة الاتصال في عقد مشاورات واسعة بشأن الأزمة السودانية المستمرة والحرب الراهنة والسبيل الأمثل للوصول لحل شامل يعالج الأزمة من جذورها بمشاركة جميع القوى السياسية والشبابية والمجتمعية، فيما منح اللجنة حق الاستعانة بمن تراه مناسب في الصدد.
إلى ذلك، ذكرت قوات الدعم السريع في بيان أمس الثلاثاء، أن مجموعة جديدة إنحازت لهم من الذين وصفتهم بـ «شرفاء القوات المسلحة» بقيادة الملازم أول خالد عبد الرحمن من الفرقة السادسة مشاة الفاشر، في ولاية شمال دارفور، غرب السودان.
وقالت: إن توالي انحياز شرفاء القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى لخيارات الشعب وقوات الدعم السريع، يضاعف من عزيمتها للقضاء على من وصفتها بـ «العصابة المتسلطة على رقاب الشعب السوادني لثلاثين عاماً من الاستبداد وغياب العدالة وقهر السودانيين الأحرار» حسب البيان.
دعا إلى انحياز بقية الجيش لـ«خيار الشعب السوداني « في الحرية والسلام والعدالة لبناء وطن لنا وللأجيال القادمة.
وأضاف: «أن الدعم السريع عازم على كسر الحلقة الشريرة التي أضاعت هوية بلاد وبثت الكراهية والعنصرية بين أبنائها، وأنه عازم أكثر من أي وقت مضى على إنهاء «العصابة» التي اختطفت الدولة لصالح تنظيم فاسد أرهق الشعب وأعاق تقدمه نحو التنمية والاستقرار».
يشار إلى أن القائد العام للجيش، وزعيم قوات الدعم السريع، الذي كان يشغل منصب نائبه، نفذا انقلابا عسكريا على الحكومة الانتقالية السودانية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
لاحقا تصاعدت الخلافات بين الجانبين، وبلغت ذروتها خلال المباحثات حول الإصلاح العسكري، لتندلع الحرب بين الجانبين في 15 إبريل/ نيسان الماضي. وسط اتهامات للجانبين بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.
ويتحدث الجانبان عن الإنحياز لخيارات الشعب في الانتقال المدني الديمقراطي، على الرغم من انقلابهما على السلطة المدنية في البلاد.
ولا تزال الحرب بين الجانبين تمضي نحو شهرها الرابع، دون أن يستطيع أي من الجانبين تحقيق نصر حاسم، بينما تواجه البلاد أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد، حيث قتل آلاف المدنيين ودمرت البنية التحتية للبلاد.
المصدر: القدس العربي