أخبار السودان:
لم يخذلني رئيس حزب المؤتمر السوداني، المهندس عمر يوسف الدقير، برفضه ما يحدث من اختلال واضح في أداء الحكومة الانتقالية ومطالبته لها بمفارقة (الاستعصام بالصمت) ،وأن تتحدث إلى شعبها حول الأزمات الاقتصادية التي تزداد حدتها مع طلوع كل صباح. بحسب تصريحه الصحفي يوم امس.
معتبرا الوضع الراهن في البلاد، والاحتجاجات التي تشهدها بعض المناطق بأنها نتاج طبيعي لتفاقم المعاناة الاقتصادية والتدهور الأمني ومجمل الأداء خلال الفترة السابقة، وعلى الحكومة أن تقابلها بالاعتبار اللازم وليس بالتجاهل أو الأُذُن الصمّاء.
حديث الدقير يشير بوضوح إلى حالة التوهان التي تعيشها الحكومة منذ فترة، وان السخط العام لم يعد حكرا على المواطن العادي، بل انتقل الى القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وهو موقف يحمد له مع استمرار حالة الصمت المثير لقيادات الاحزاب السياسية ودفن الرؤوس في الرمال في وقت يحتاج فيه المواطن لسماع صوتها وان لم يتفق معها.
اتفق تماما مع الدقير بأنه بات من المعتاد أن يصحو الناس كل صباح ليجدوا منشوراً مبثوثاً في وسائل التواصل الاجتماعي يحمل زيادة جديدة في أسعار سلع أساسية مثل الوقود والكهرباء والخبز والدواء دون توضيح لأسباب الزيادة أو الخطة التي تم في سياقها تطبيق الزيادة، أو توضيح أسباب ندرة هذه السلع رغم زيادة أسعارها، أو تقديم تفسير لانخفاض قيمة الجنيه السوداني بمعدل يومي متسارع يُربِك القطاعات الاقتصادية وينعكس فوراً في ارتفاع أسعار كثير من السلع والخدمات .. يصاحبه تراخي واضح جدا من الأجهزة الأمنية في بسط الأمن وحماية المواطنين، ما أدى لفقدان العديد من الأرواح في نزاعات مجتمعية لم يقابلها تدخل سريع يحول دون تفاقمها وسقوط عشرات الضحايا، إلى جانب وجود تفلتات تزعزع الأمن العام وتهدد السلامة الشخصية للمواطنين في العاصمة وغيرها من المدن.
حقيقة لا أحد ينكر أن الحكومة الانتقالية ورثت أزمة وطنية شاملة، ومن معالمها البارزة الواقع الاقتصادي المتردي، ولا زالت تعمل في ظروف صعبة نتيجةً للتخريب الذي طال مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والتي لا تزال تتنظر الإصلاح، إلا انها تتطلب لمعالجة ذلك الشفافية والوضوح مع الشعب وتمليكه الحقائق وتوسيع دائرة التشاور، ليكون الشعب مساهماً في صياغة السياسات، وعلى علمٍ بتفاصيلها واهدافها، المطلوب من الحكومة الخروج من الشرنقة التي نسجتها حول نفسها، ومراجعة علاقتها بشعبها لاستعادة السند والدعم الجماهيري الذي بدأت تفقده، فالمرحلة تتطلب الاصطفاف الجماعي لمواجهة التحدي الأكبر للوصول للحكومة المدنية الحقيقية التي انتظرها الشعب طويلاً.
الجريدة