عبر تصعيد عدوانه المستمر منذ 11 يوما، يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتدمير ما تبقى من المخزون الغذائي في قطاع غزة المحاصر منذ 17 عاما، حيث أدخل القطاع في واقع معقد بات يهدد حياة أكثر من مليوني نسمة.
وعملت آلة الاحتلال الحربية على مضاعفة معاناة المواطنين، عبر تدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وحرق الأشجار بالتزامن مع استحالة وصول العديد من المزارعين إلى أراضيهم ما تسبب في أضرار جسيمة وجفاف لكثير من المزروعات الضرورية. كما أن الأضرار طالت الحيوانات ومزارع الدواجن، وكل ذلك بالتزامن مع رفض الاحتلال دخول أي مساعدات إنسانية لسكان القطاع واستمرار إغلاق المعابر.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة بغزة، محمد أبو عودة، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي تسبب في استشهاد وإصابة الآلاف من أبناء شعبنا المحاصرين، لم يقف عند هذا الحد بل “عمل وفق هجمة ممنهجة، أثرت بشكل كبير على الأمن الغذائي”.
وأكد في تصريح خاص لـ”عربي21″، أن “هناك معاناة شديدة في وصول المزارعين إلى أراضيهم، سواء من أجل الحفاظ على المنتجات الزراعية من الأشجار وغيرها، أو لقطف هذه الثمار وتوصيلها إلى الأسواق من أجل تأمين الأمن الغذائي للمواطنين والنازحين جراء العدوان الإسرائيلي”.
وحذر أبو عودة، من “الانعكاسات الخطيرة جدا لهذا الوضع على حياة المواطنين واستمرار توفير الغذاء اللازم لهم”، منوها إلى أن “جيش الاحتلال، منع المزارعين في المناطق القريبة من السلك الفاصل من الاقتراب من مزارعهم مسافة كيلومتر، علما بأن هذه المناطق هي مناطق تتركز فيها الزراعة بشكل كبير للعديد من الخضروات الأساسية التي يحتاجها الناس”.
ولفت إلى أن “الاحتلال يرتكب إبادة جماعية في قطاع غزة بكل مستوياتها؛ قتل أبناء شعبنا، والتأثير الكارثي على القطاع الصحي والغذائي”، منوها إلى أن أطقم وزارة الاقتصاد تعمل من أجل ضبط الأسواق والتنسيق بين التجار والمزارعين، وذلك من أجل تأمين الغذاء للمواطنين مع محاولة سهولة وصوله”.
وعن التقديرات الأولية لحجم المساحات الزراعية المدمرة، ذكر أنه لا توجد تقديرات بهذا الشأن لأن العدوان مستمر، لكن المساحات الزراعية التي تعرضت للقصف والتدمير كبيرة، وربما تجاوزت عشرات الآلاف من الدونمات، علما بأن المنطقة القريبة من السلك الزائل بها ما لا يقل عن 20 ألف دونم زراعي، إضافة إلى معاناة قطاع الإنتاج الحيواني.
وأطلق المسؤول في وزارة الزراعة، “رسالة استغاثة لكل الأحرار والشرفاء في العالم؛ بأن سكان قطاع غزة يتعرضون لإبادة جماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي بكل الطرق، وليس فقط بالأدوات الحربية، وإنما أيضا بالتجويع ومحاولة تركيعهم، عبر إغلاق المعابر ومنع إدخال أي مواد غذائية أساسية، بالتزامن مع منع وصول المزارعين إلى حقولهم من أجل قطف المنتجات الأساسية وتوفيرها للمواطنين والنازحين جراء العدوان، علما بأن العدوان طال مزارع الحيوانات والدواجن”.
وختم أبو عودة حديثه مع “عربي21” بالقول: “قطاع غزة يتعرض لمأساة حقيقية بسبب العدوان الإسرائيلي، والكل يدفع ثمن ذلك”.
وخلال الأيام الماضية، واصلت طائرات الاحتلال استهداف العديد من مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين وكل ما يمتلكون، إضافة إلى استهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين، في سلوك يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية، والذي يرتقي إلى جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن ارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 2800؛ بينهم مئات الأطفال والنساء، إضافة إلى تسجيل أكثر من 10 آلاف إصابة بجراح مختلفة، موضحة أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عشرات العائلات الفلسطينية.
وخلال جولة ميدانية لمراسل “عربي21” في بعض مناطق القطاع، ظهرت طوابير الناس على المخابز في انتظار دورهم، فيما يحاول السكان التكيف مع كميات المياه المتوفرة والاقتصاد في الاستهلاك، وحاول البعض التغلب على مشكلة انقطاع الكهرباء بشكل متواصل، عبر استخدام لوحات الطاقة الشمسية التي نفدت من الكثير من المتاجر التي تمكنت من فتح أبوابها، بالتزامن مع محدودية توفر الوقود والغاز.
وفجر السبت تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، بدء عملية عسكرية أطلقت عليها “طوفان الأقصى” بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر “ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو”.
المصدر: عربي21