الاتحادي الديموقراطي حزب مازوم يصعب إصلاحه
الحزب الاتحادي الديمقراطي – بعيدا عن تشظياته – حزب عريق ذو امتدادات جماهيرية واسعة ، ويكاد يكون من الأحزاب التي يسهل الانضمام لها ، كما يسهل الخروج منها ، والتخلى عنها ، وكما يعتبر البعض ان هذه ميزة إيجابية فالبساطة وعدم التعقيد تجعل كل فرد يشعر ان الحزب قريب منه ، بل يجد نفسه في الحزب ، وايضا يري اخرون ان هذا الأمر يجعله كيانا فوضويا غير منضبط ، بعيد عن المسؤولية ، لذا يكثر المنتمون للحزب مع التباين الشديد بينهم ، فجميعهم اتحاديون ، وجميعهم مختلفون في كثير من القضايا والأمور.
ومن المعروف ان احد اهم الفصائل في الحزب الاتحادي الديمقراطي منذ أكثر من عقود يخضع لسيطرة السيد محمد عثمان الميرغني ، الذي يجمع بين رئاسة الحزب وزعامة الطائفة الختمية ، لذا فان تياره هو الاقوي وحزبه هو الأكبر ، والأكثر اتباعا ، مقارنة مع غيره من الفصائل الاتحادية الاخري ، ولايري السيد محمد عثمان الميرغنى ومناصروه ان غيرهم اتحادي ، وكل شخص بحسب قربه وبعده من السيد وجماعته يعتبر اتحاديا او قريبا او بعيدا من الحزب ، ولما كثرت الفصائل التي حملت اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي كان الفصيل الذي تحت قيادة السيد محمد عثمان الميرغني قد سمي نفسه الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ، معتبرا ان كل الفصائل الاخري ليست هي الحزب الاتحادي الديمقراطي وان اتخذت لنفسها هذا الاسم ، وهذا طبعا نوع من التعنت الذي اتصفت به قيادة الحزب ، التي لا تقبل ان يختلف الناس معها ، ولا اشكال عندها ان يختلف الاتحاديون عليها ، ويبقوا مع اختلافهم مع بعضهم بعضا وتباينهم الكبير يبقوا اتحاديين ، وكل يدين بالولاء للسيد ويبايعه زعيما ، وتبقي جميع الفصائل اتحادية طالما بقيت تحت قيادة السيد ورعايته ، وفي عدد من الانتخابات العامة راينا عددا من الدوائر بالواحدة منها اكثر من مرشح ، وكلهم يرفعون راية الحزب الاتحادي الديمقراطي ، وكلهم اخذ مباركة ترشحه في الدائرة من السيد ، ويتنافسون ويتقاسموا أصوات الاتحاديين والختمية والتي لو اجتمعت لمرشح واحد لفاز لكن تشتتهم كثيرا ما يفقدهم الدوائر ، ومع ذلك يتركهم السيد في حالهم طالموا يدينون له جميعهم بالولاء ، وهذه اكبر مشاكل الحزب الذي تجاوزا نقول عنه انه حزب ، والا فهو كيان فوضوي مازوم لايمت للأحزاب المنضبطة بصلة.
وهذه الايام يعيش الاتحاديون تحت قيادة السيد بل داخل بيته يعيشون خلافا حادا تمظهر في النزاع بين السيد محمد الحسن الميرغني وشقيقه السيد جعفر الصادق الميرغنى إذ وصل الخلاف بينهما إلى درجة بعيدة وان كانا يصورناه خلافا حول مواقف سياسية وليس في شان شخصى ، وكان السيد جعفر الصادق قد استقوي بوالده ضد شقيقه السيد محمد الحسن ، وظهر ذلك جليا في المؤتمر الصحفي الذي أعلن من خلاله تجميد عضوية الأخير ، في ممارسة عدها كثيرون محاولات من السيد جعفر الصادق لتوظيف مكانة والده لتحقيق مكاسب سياسية في مقابل شقيقه ، وهذا وان تم في العصر الحالى لكنه يؤسس حتما لانشقاق جديد في حزب مازوم كثرت تشظياته واعيا الراتق إصلاح الفتق.
سليمان منصور