قالت القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام بالأونروا في غزة، إيناس حمدان؛ إن “الوضع الإنساني في غزة مأساوي وكارثي للغاية، ويجب وقفه في أسرع وقت، وإن لم يتم التدخل العاجل فسنواجه كارثة حقيقية ومرعبة”، مؤكدة أن “مظاهر المجاعة بدأت تتفشى في غزة بشكل خطير، وربما تحصد أرواح الآلاف من الفلسطينيين”.
وأضافت: “رغم أننا أكبر مؤسسة أممية تشرف على الاستجابة الإنسانية في غزة، لكننا لا نستطيع إدخال الإمدادات الغذائية اللازمة، ومخازننا بدأت تنفد من المستلزمات الغذائية، في حين هناك ما يقرب من مليون و900 ألف نازح يعيشون ظروفا إنسانية قاسية في مناطق جنوب ووسط غزة، وهناك ما يزيد عن 2 مليون شخص يعتمدون بشكل شبه كامل على مساعدات الأونروا”.
وشدّدت حمدان، في حديث خاص مع “عربي21″، على ضرورة “فتح المنافذ البرية والمعابر التي من خلالها نتلقى المساعدات الإغاثية، وضمان تدفق هذه المساعدات بشكل منتظم وكاف، يضمن للأونروا إمكانية مواجهة الكوارث البيئية والصحية والغذائية التي تحدث الآن بشكل خطير في قطاع غزة”.
وأوضحت القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام بالأونروا في غزة، أن “التحدي الأكبر الذي يواجه عملنا، يكمن في استمرار الحرب، وعدم استقرار الظروف الأمنية، وعدم قدرة طواقمنا على التنقل في جميع الأماكن؛ كون معظم الأماكن هي مناطق قتال خطيرة”.
وأشارت إلى “محدودية ما يدخل من مساعدات إغاثية، خصوصا عقب التوغل الإسرائيلي البري في مدينة رفح؛ حيث لم يدخل منذ ذلك الحين، وبعد إغلاق معبر رفح، سوى جزء قليل جدا وعدد هزيل للغاية من المساعدات التي تمثل مجرد نقطة في بحر مما نحتاجه بالفعل”.
واستطردت قائلة: “نحن نحتاج بشكل ملح من 500 إلى 600 شاحنة مُحمّلة بالمواد الإغاثية اللازمة كافة، التي يجب أن تشمل غذاء ودواء ومستلزمات طبية ووقودا ومياها وغيرها من المواد الإغاثية. نحتاج دخول هذه الشاحنات بشكل يومي ومنتظم، وبشكل كاف حتى نتمكن من توزيعه على النازحين كافة”.
أضرار لحقت بـ “الأونروا”
وبسؤالها عن حجم الأضرار التي لحقت بـ “الأونروا” منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، أجابت: “الضرر الذي لحق بالأونروا كمنشأة وموارد بشرية هو ضرر كبير جدا. نحن نتحدث عن أكثر من 190 منشأة من منشآت الأونروا دُمّرت بشكل كلي أو جزئي، وبعض هذه المؤسسات قُصفت أكثر من مرة. بالتأكيد هذه كلها انتهاكات صارخة للقوانين الإنسانية”.
واستطردت حمدان، قائلة: “لقد طالبت الأونروا أكثر من مرة بفتح تحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات، خاصة أن منشآت الأونروا تُستخدم لتقديم الخدمات الإنسانية، ولا يجب بأي حال من الأحوال استخدامها لأي أغراض عسكرية، كما أن الأونروا تشارك إحداثيات هذه المنشآت بشكل يومي مع الجهات الإسرائيلية”.
ولفتت إلى “ارتفاع عدد الضحايا الذين سقطوا من موظفي الأونروا؛ حيث وصل العدد الإجمالي من الموظفين الذين فقدناهم خلال هذه الأشهر الماضية إلى 197 موظفا وموظفة بكل أسف، وبكل حزن سقط معظمهم في أثناء تأديتهم لخدمات من الخدمات الإنسانية، وهذا عدد كبير جدا لم يسبق للأمم المتحدة أن فقدت مثله في أي حروب أو صراعات أخرى. هؤلاء عاملون في المجال الإنساني، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن يكونوا هدفا لأي طرف من أطراف النزاع”.
حرب صامتة
وحول الأوضاع في الضفة الغربية، قالت: “المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، صرّح سابقا بأن هناك نوعا من الحرب الصامتة تجري في الضفة الغربية التي تمر بفترات عصيبة جدا؛ فالوضع بها غير مستقر مطلقا، وهناك أعمال مداهمات واقتحامات وتخريب في عدة مناطق، وهذه الأعمال مستمرة منذ أشهر طويلة، لكنها اشتدت مع بدء حرب 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وكل هذا يؤدي إلى إضعاف عملية الاستجابة الإنسانية في الضفة الغربية”.
اقرأ أيضا:
السلطات الفرنسية تحيل المفكر فرانسوا بورغا للتحقيق بزعم “تمجيد الإرهاب”
وتابعت حمدان: “الأونروا أيضا تعمل في الضفة الغربية كما تعلمون، إلا أن مقراتها تعرّضت للاعتداء أو محاولة الحرق أكثر من مرة، وبالتأكيد هذه كلها أعمال مرفوضة تماما؛ لأنه بالنهاية هذه منشآت تُستخدم لتقديم خدمات إغاثية مهمة جدا، هي بمنزلة شريان حياة للاجئين الفلسطينيين في الضفة”.
أكبر منظمة أممية
ولفتت إلى أن “الأونروا هي أكبر منظمة أممية تدير الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة للاجئي فلسطين منذ أكثر من 75 عاما، كما تديرها في جميع مناطق العمليات الخمس (غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا). من ثم الأونروا ملتزمة ومستمرة بتقديم الخدمات الضرورية والملحة جدا لسكان قطاع غزة، خصوصا في هذه الظروف العصيبة والكارثية التي يمر بها القطاع”.
وأكملت: “لا تزال الأونروا تقدم خدمات صحية عبر مراكزها الثمانية التي نستطيع إدارتها حتى الآن، على الرغم من الدمار الذي حل بعدد كبير من منشآت الأونروا، وتضرر الموظفين وتعرضهم لشتى صنوف الألم والنزوح مثلهم مثل باقي السكان، ولكن على الرغم من ذلك، ما نزال نقدم الخدمات الصحية عن طريق هذه المراكز الصحية التي ما نزال نديرها، أو عن طريق الفرق الطبية المتنقلة، التي توجد أينما يوجد النازحون. بالإضافة إلى ذلك، نقدم خدمات صحة البيئة التي تشمل تشغيل الآبار ومضخات المياه ما أمكن ذلك”.
وأردفت: “هناك فرق لصحة البيئة تشرف على إزالة النفايات الصلبة من أماكن تراكمها والتخلص منها بطريقة سليمة، لكن هناك تحديات كبيرة في كل هذه الخدمات بسبب نقص الإمدادات ومحدوديتها وتقلص المساحة مساحة العمل الإنساني؛ كون معظم الأماكن في قطاع غزة هي مناطق قتال ولا نستطيع الوصول إليها. إضافة إلى هذه الخدمات أيضا ما نزال مستمرين طبعا بتقديم الخدمات الغذائية لكل سكان قطاع غزة، التي تشمل توزيع الطحين والسلة الغذائية، وأيضا المواد الإغاثية الأخرى ومواد التنظيف والأغطية والخيام وغيرها”.
كما نوهت حمدان إلى أن “هناك العديد من الخدمات اللوجستية تقوم بها الأونروا؛ فنحن ملتزمون تماما بتقديم هذه الخدمات والمساعدات الإغاثية، رغم التحديات الكبيرة التي تقف عائقا في طريق تقديمها على أكمل وجه”، موضحة أن “القطاع التجاري في غزة شبه منهار، وإن توفرت فيه المستلزمات الغذائية تكون بأسعار باهظة جدا”.
ووجّهت رسالة إلى المجتمع الدولي، قائلة: “نكرر مطالب الأونروا بضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار من أجل ظروف أمنية أفضل، وحينها ستستطيع الأونروا تقديم الخدمات الإنسانية بشكل أفضل، وسنتمكن من الوصول إلى جميع الأماكن في قطاع غزة”.
واختتمت القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام بالأونروا في غزة، بقولها؛ إنه “يجب أيضا ضمان توفير ممرات آمنة للعاملين في المجال الإنساني، من أجل التحرك ونقل المساعدات الإغاثية وتقديم الخدمات الضرورية والملحة، خاصة أن مأساة أهالي غزة تزداد بسبب نقص الطعام والدواء والمياه النظيفة”.
المصدر: عربي21