أخبار السودان:
اقدم حرب في التاريخ:: أقدم دليل مكتشف على وجود حرب أو عنف منهجي بين الجماعات في تاريخ البشرية وجد في السودان، حيث عثرت الكشوف على رفات ٦١ شخصا في جبل الصحابة بشمال السودان، ظهرت على ١٤ منهم علامات إصابة بجرح واحد على الاقل، بينما تم العثور على مقذوفات حجرية مدببة في جثث ٢١ شخصا منهم، وأظهرت بعض هذه الجروح علامات اندمال مما يدل على ان الإصابة بها كانت سابقة للموت، بينما لم تظهر جروح أخرى علامات اندمال مما يدل على أنها حدثت مباشرة او أثناء لحظات الموت، وهو دليل على حدوث الحرب والمواجهات بين سكان ذلك الزمان.
اقدم حرب في التاريخ::: اسلافنا كانوا في حالة صراع وحروب، فهل يفسر هذا نزوعنا المستمر للحرب؟ لقد عانت بلادنا في العصر الحديث من أطول حرب في أفريقيا وهي حرب الجنوب التي انطلقت في الجنوب الجغرافي، ثم انتقلت عدوى الحرب عبر السنوات إلى جبال النوبة والنيل الأزرق ثم إلى شرق السودان ثم إلى دارفور، سلسلة من الحروب التي تبدو في بعض الأحيان بلا هدف، حروب من أجل الحرب فقط، من أجل الوفاء لجينات الأسلاف ربما، وتذكير العالم ان نسى بأن ارضنا شهدت اول حالة نزاع في التاريخ، وبالتالي ليس في الأمر عجب أن نتنازع الآن وفي المستقبل!!
يقول بعض علماء الاجتماع الغربيون ان الثقافة الرأسمالية في الغرب نتجت عن جينات تاريخية في الإنسان الأوربي القديم، الذي كان يجمع المال بدوافع التقرب إلى الاله، إذ كان الهدف الأساس كنز المال ليعبر به الشخص بعد مماته ربما، أو يشتري به نجاته في العالم الآخر، ثم ظلت الأجيال تتناقل هذه الثقافة مع تحريف الغاية والأهداف حتى وصلت إلى الرأسمالية الحالية، التي يكون الهدف الأساس فيها هو الربح وجني المال، بغض النظر عن ما ينفق فيه، المهم أن يتم جمع المال، الكثيرون من الغربيين أثرياء لدرجة بعيدة ورغم ذلك يعيشون حياة غير مترفة، تابعوا مارك زوكنبرغ صاحب فيسبوك مثلا وهو من أثرى اثرياء العالم، يأكل ويلبس كأي شخص اوربي أخر، هذا هو أثر التاريخ، كنز المال بدوافع الفطرة، بدافع الطبيعة، وأن جهل صاحبها السبب.
اقدم حرب في التاريخ::: على ذات المنوال، ورثنا نحن من اسلافنا تجاربهم ايضا، ولكنها لم تكن تجارب اقتصادية ولا مالية، بل تجارب حربية، تجارب عنف، حيث تعارك اسلافنا في فترة ما قبل التاريخ، قبل ١٣،٠٠٠ سنة، وتناقلت الاجيال هذه الجينات، حتى وصل الامر الينا، فاصبحنا نعلن الحرب لأسباب لا نعلمها في كثير من الاحيان، وهي في الأصل أسباب جينية، أسباب طبيعية. هذا قد يفسر تناسل حركات الحرب في بلادنا منذ تمرد الجنوبيين ما قبل الاستقلال، وصولا إلى اليوم، وقد يفسر ذلك وجود هذا العدد الضخم من الحركات المسلحة في دارفور التي قارب عددها في وقت ما المئة حركة!! حتى ليظنن الشخص حين يسمع هذا العدد ان جميع الدارفوريين حملة سلاح. قد يشعرنا هذا التفسير براحة اننا لسنا السبب في الحرب وإنما اسلافنا هم الجناة، بيد أننا ندفع ثمنا فادحا، ويجب أن نسعى لوضع حد لهذه الثقافة الجينية الموروثة، فهل ستكون اتفاقيات السلام حلا نهائيا لهذه المشكلة، ام ستكون مجرد حلول مؤقتة، وسرعان ما تعود (حليمة لقديمها) ويلبي الجميع نداء الأسلاف للحرب؟!!