افتتحت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم أول نموذج من مشروع “كشك كتابك” الأسبوع الماضي (الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني) في ساحة دار الأوبرا المصرية وسط القاهرة، ضمن مشاركة وزارة الثقافة في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” في قرى ونجوع مصر، بالتعاون مع مجلس الوزراء والهيئة العامة للكتاب.
وقالت الوزيرة إن المشروع يستهدف توطين الثقافة في القرى بنشر التنوير وتعزيز قيم الثقافة المصرية الأصلية، ويسهم في بناء شخصية تحافظ على ما تم تطويره من قرى المبادرة الحكومية “حياة كريمة”، كما يرمي إلى توفير محتوى ثقافي يخاطب مختلف شرائح المجتمع لنشر الأفكار الصحيحة ومحاربة التطرف وتصويب المفاهيم بخاصة عند الشباب.
اقرأ أيضا
الجزيرة نت تحاور عز الدين شكري فشير حول واقع الرواية المصرية وآفاق الإبداع الأدبي
ناشطون مصريون يخطون معاناتهم شعرا ونثرا من وراء القضبان
وفاة المؤرخ والمترجم المصري قاسم عبده قاسم عن عمر ناهز 79 عاما
رحيل المفكر والفيلسوف المصري حسن حنفي
وتضيف عبد الدايم أن المشروع يضم مبادرة “ثقافتك كتابك” التي تستهدف إتاحة المطبوعات بأسعار زهيدة تراوح بين جنيه واحد إلى 20 جنيها (الدولار= 15.7 جنيها)، وقالت “نتحرك كل شهر في محافظات مختلفة، فكّرنا في وجود محتوى ثقافي وفني في الفترة التي نقضيها داخل القرية، لكن مع وجود استمرارية واستثمار ثقافي”.
“كشك كتابك” مبادرة تتبنّاها وزارة الثقافة المصرية ضمن المشروع القومي “حياة كريمة”، وتسعى المبادرة لنشر التوعية بأهمية القراءة في القرى التي يتضمنها المشروع الذي يستهدف تنفيذ 333 وحدة بالتعاون مع مجلس الوزراء ومؤسسة حياة كريمة والهيئة المصرية العامة للكتاب، كما تقدم الهيئة دعما للمشروع بخصم 40% من سعر الكتاب.
ووفقا لجريدة اليوم السابع، تتسم الأكشاك بمفردات التطوير الجمالي التي تشهدها القرى، وتوفير فرص عمل للشباب من خلال توزيع الكتب وليس براتب ثابت، وذلك يحقق للشباب عائدا مميزا ويسهم في زيادة الاهتمام بالتوزيع، كما تتناسب الكتب مع مستوى الدخل في القرى من دون إخلال في المحتوى أو مستوى الطباعة.
مشروع ثقافي
وفي تصريحات تلفزيونية، قالت الوزيرة إن فكرة مبادرة “كشك كتابك” بدأت مع المبادرة الرئاسية، وأكدت تفعيل كثير من الأنشطة الثقافية في قرى مصر.
وأوضحت عبد الدايم أن مشروع “كشك كتابك” سيقدم المحتوى الثقافي لقطاعات وزارة الثقافة المعنية بالنشر، وللعديد من دور النشر، وأكدت أهمية تقديم مشروع ثقافي ضمن مبادرة حياة كريمة.
وقال رئيس هيئة الكتاب هيثم الحاج إن منافذ الأكشاك ستنتشر في القرى، وستُعدّ دراسة حالة لكل قرية بالتعاون مع مؤسسة “حياة كريمة”، لتحديد المستوى الثقافي المراد تقديمه، ويكون مناسبا لكل الفئات العمرية داخل القرية.
وأشار الحاج -في تصريحات تلفزيونية- إلى أن مبادرة حياة كريمة تهتم دائما بتطوير الوعي للحفاظ على ما يُنشأ من منازل أو طرق، وأن الأكشاك ستوجد في كل قرى حياة كريمة، كما ستوفر المبادرة فرص عمل لأبناء القرى، وستركز على اكتشاف المواهب في كل القرى.
وأضاف الحاج أن تكلفة الكشك الواحد تبلغ ربع مليون جنيه، شاملة فرص العمل فيه، ويُبحث عن حاملي المؤهلات العليا والميالين إلى الثقافة ومحبّي القراءة لتوظيفهم في الأكشاك، ويمكن إنشاء أكثر من 40 كشكا في أسبوعين.
تعميم المبادرة
ويعلّق معلم اللغة العربية حازم رضا -الذي يحرص على شراء الكتب الجديدة منذ صغره- أن المبادرة جيدة تحسب لمؤسسات الدولة، وأن الاهتمام بنشر عادة القراءة سيسهم في زيادة توعية سكان القرى، وفي الحفاظ على تم إنجازه من تنمية من خلال “حياة كريمة”.
ويضيف رضا -في حديثه للجزيرة نت- أنه يستحسن تعميم المبادرة، حتى لا تقتصر على القرى المدرجة في مشروع “حياة كريمة”، فالأفضل أن تشمل جميع قرى مصر، خصوصا بعد الانخفاض الشديد في إصدارات “مكتبة الأسرة” التي كانت تصدر بصورة دورية وبأسعار رخيصة.
ويتفق معه الكاتب أحمد إبراهيم الشريف -في مقال له في جريدة اليوم السابع- أن يركّز المشروع على إصدارات “مكتبة الأسرة”، لأسباب كثيرة منها التنوع، ولأن ما يخصصه أبناء القرى لشراء الكتب ليس ضروريا، كما يوصي بتوفير الروايات والكتب الدينية والسلاسل التثقيفية.
ويتمنى الشريف مشاركة دور النشر الخاصة في “كشك كتابك” بوصفه “انتشارا” وليس مجرد تجارة، وتتعامل معه كإعلان لأعمالهم، كما لا بد من أن توفر وزارة الثقافة الإمدادات المتواصلة للكشك بالكتب.
مكتبة الأسرة
تأتي هذه المبادرة الحكومية في ظل معاناة القرّاء من ارتفاع أسعار الكتب التي تصدرها دور النشر الخاصة، وتتفق أهداف “كشك كتابك” مع مشروع “مكتبة الأسرة” الشهير في توفير الكتب بأسعار زهيدة، إلا أن مشروع “كشك كتابك” يستهدف بالأساس إنشاء أكشاك لتوزيع الكتب وليس إعادة طباعة أو نشر الكتب.
يذكر أن مشروع “مكتبة الأسرة” بدأ في العام الرابع لمهرجان القراءة للجميع عام 1994، تحت رعاية السيدة سوزان مبارك عقيلة الرئيس الأسبق حسني مبارك، وقدم مئات الكتب في مختلف المجالات بأعداد غير مسبوقة في تاريخ النشر المصري وبأسعار زهيدة، تحت شعار “للطفل.. للشاب.. للأسرة”.
ونشرت مكتبة الأسرة ضمن إصداراتها إعادة طبع موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات الأشهر سليم حسن في 16 جزءا، يراوح عدد صفحات كل جزء بين 600 و800 صفحة بثمن رمزي، كما قدمت روائع الأدب العالمي للناشئين، وأعادت طبع أشهر الكتب والروايات لكبار الكتاب بأسعار زهيدة، وأسهمت في تثقيف جيل التسعينيات والعقد الأول من الألفية.
ورغم انتهاء عهد مبارك وعقيلته قبل أكثر من عقد، فإن مشروع مكتبة الأسرة لم يتوقف، إذ أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب أخيرا كتاب “الفن وتطور الثقافة الإنسانية” للناقد الراحل شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، إلا أن مشروع مكتبة الأسرة لم يعد يحظى بالرعاية والاهتمام السابقين من الدولة أو الإعلام كما تضاءلت إصداراته وارتفعت أسعار كتبه.
المصدر : الجزيرة + الصحافة المصرية