اصلاح التعليم مسؤولية الجميع
العام الدراسى يكاد ان يصل الى نهاياته ، أو بالأحرى هو قد وصل بالفعل ، واناخ بكلكله ، والاوضاع تزداد سوءا ، والمعلمون فى حالة غير لائقة ببلدنا وشعبنا ، والحكومة اخر من يحرك ساكنا ، والمطلوب منها العمل على حل لكن يبدو أنها مشغولة بتوطيد انقلابها ، غير ٱبهة بما يجرى من احداث فى البلد سوى تصديها للحراك الثورى المتواصل منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الذى وقع فيه انقلابها المشؤوم.
ولايختلف الناس أن حكومة الانقاذ على الرغم من إعلانها الاهتمام بالتعليم ، وحديثها عن تطويره رأسيا وافقيا الا ان الواقع يقول غير ذلك تماما ، فقد جنت البلد الثمار المرة للسياسات التعليمية الفاشلة لحكومة عمر البشير ، سواء عبر تدمير الخدمة المدنية والتى تأثر بها قطاع التعليم بشكل مباشر وكبير ، أو عبر التدخل السياسى فى العملية التعليمية ، ناهيك عن فوضى المناهج وما نتج عنها .
وبعد الثورة كانت امال الناس عريضة وتوقعاتهم بل وامنياتهم أن يلتفت القائمون على أمر البلد وحكومة الثورة الى فداحة الجرم الذي ارتكب في حق بلادنا من جرائم مروعة في حق التعليم ، وأنه قد آن الأوان لاجراء الإصلاح ، لكن بكل اسف جاءت مشاكسات طرفى الحكم (المكونان العسكرى والمدنى) ، وصراعهما من أجل تحقيق المكاسب الانية وأدى ذلك أن تتأثر الخدمات وعلى رأسها التعليم والصحة سلبا ، وتدفع الثمن أهمالا وتاخيرا لعملية الإصلاح ، ومعالجة الخلل الذى تعانى منه هذه القطاعات الهامة والحيوية فى البلد إلى أن وقع انقلاب البرهان وانفرد بالحكم مهملا أى ملف غير تثبيت انقلابه والتصدى لمناوئيه ، وعليه تراجع بشكل كبير الاهتمام بالتعليم وهو الذى كان متأخرا اصلا وزاد تأخيرا.
ان كانت حكومة عمر البشير قد اجرمت فى حق التعليم والخدمات عامة بل والوطن ككل وهو كذلك ، فإن حكومة الثورة وبعدها حكومة انقلاب البرهان قد واصلت فى اهمال هذه الملفات وتقول الاحصاءات ان الفاقد التربوي تضاعف بصورة مرعبة بين أبناء الاسر متوسطة الدخل والاسر الفقيرة ، واصبح التعليم حلماً صعب المنال ، وتدنى مستوى المعلم والطلاب سواء فى التعليم العام أو العالى على السواء ، واذا أردنا أن نضرب مثالا بسيطا لنتائج سياسات حكومة البشير التدميرية للعملية التعليمية فلن نعدو الإشارة إلى المستوى المتدنى جدا للتلاميذ واساتذتهم حتى على مستوى الكتابة والاملاء ناهيك عن التعبير السليم والضبط اللغوى الذى أصبح نادرا جدا فى هذا الجيل بكل اسف.
ويمكننا القول وبقوة وحزم إن الاشمئزاز والامتعاض هو حال الكثيرين يوميا جراء الاخطاء الإملائية والنحوية ، فهل يمكننا الصبر على هذا الوضع المزرى والقبيح ؟ لا ، لن نحتمل المزيد من الالم ، ولن نصبر على هذا الوضع المعيب.
ونقول لابد أن تهتم الحكومة جدا بهذه القضايا ، وتسرع فى علاجها دون تأخير ، وإلا فإننا – لاسمح الله – سنحتاج يوما – ولا نظنه بعيدا – إلى إعادة تعليم الكثيرين جدا اساسيات الكتابة والقراءة ، وهذا أمر مخجل ومخز بكل اسف ونتمنى أن لانصار إلى هذا الدرك السحيق ، لذا على الجميع العمل لتدارك الموقف قبل تأزم الوضع أكثر وصعوبة الإصلاح وهو الآن ليس سهلا فكيف أن ازدادت الامور تدهورا.
نحتاج بلا شك إلى ثورة كبرى وعاجلة تضع حدا لهذا التدهور وتعمل على معالجة الأزمة المستفحلة ، فهيا نمضى معا فى هذا الطريق الذى سيكون أثره إيجابيا على الجميع ، ولا شك أن مسؤولية اصلاح التعليم تقع على عاتق الجميع .
بقلم : سليمان منصور