استهداف المحتوى الفلسطيني: عندما تتحول خوارزميات التواصل الاجتماعي إلى أداة للتحيز
في تطور جديد يعكس جانبا مظلما من إدارة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، كشف موظف سابق في شركة “ميتا”، المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، عن تحيز واضح في خوارزميات هذه المنصات ضد المحتوى الفلسطيني. وفقا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، تركز هذه الخوارزميات على مراقبة وحذف خطاب الكراهية باللغة العربية، في حين تتجاهل بشكل كبير المحتوى المكتوب بالعبرية، مما يعزز من الانحياز لصالح إسرائيل.
تستند هذه الاتهامات إلى وثائق داخلية وشهادات من موظفين سابقين في الشركة، الذين أكدوا أن الخوارزميات تستخدم لضمان “أمن المجتمع”، كما تزعم الشركة، إلا أن الواقع يبدو مغايرا تماما. تشير الأدلة إلى أن هذه الخوارزميات تركز على المحتوى العربي، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتعمل على حذفه أو تقليص انتشاره بشكل غير متناسب مع المحتوى الإسرائيلي.
يطرح هذا الكشف تساؤلات جدية حول دور شركات التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام والتأثير على مسار القضايا العالمية. فبدلا من أن تكون هذه المنصات منابر حرة للتعبير، تتحول إلى أدوات تضليل وتحكم في المعلومات، مما يؤثر بشكل مباشر على القضايا الحساسة مثل القضية الفلسطينية.
لم يكن هذا التقرير الأول من نوعه، فقد شهدت السنوات الماضية تصاعدا في الانتقادات الموجهة لشركات التواصل الاجتماعي بخصوص تحيزها السياسي، خاصة في قضايا الشرق الأوسط. تحاول هذه الشركات، ومنها “ميتا”، تلميع صورتها من خلال ادعاء التزامها بمعايير المجتمع وقيم العدالة، ولكن مثل هذه التقارير تكشف عن حقيقة أخرى تشير إلى أن هذه القيم لا تطبق بشكل عادل على الجميع.
إن استهداف المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جزء من نظام أكبر من الرقابة والتحكم يهدف إلى توجيه النقاش العام بما يتماشى مع مصالح معينة. في هذا السياق، تصبح المنصات الاجتماعية أداة لتغييب الأصوات المعارضة وفرض رواية معينة، وهو ما يستدعي وقفة جادة من جميع الأطراف المعنية لضمان حرية التعبير والعدالة في نقل المعلومات.
بقلم أحمد هيثم